اللهمّ إلاّ أن يكون مراده قدسسره من الإعراض عدم ملاحظة الطّريقيّة في جعلها لا رفع اليد عن الواقع رأسا في مواردها ، فيرجع إلى ما ذكرنا من احتمال التعبّد في جعلها ويترتّب عليه ما أفاده : من عدم التّسوية بين إعمال الأمارة في تشخيص الطّريق وإعمالها في تشخيص الواقع على هذا التّقدير أيضا. كما يترتّب على ما يقتضيه ظاهر العبارة في النّظر الأوّل وإن كان بينهما فرق في الوضوح والخفاء من حيث التّرتّب المذكور واللاّزم المنظور.
ومنه يظهر : أنّه يمكن الفرق بين المقام وعمل العامي بالتّقليد أيضا ؛ من حيث احتمال التّعبّد في حقّه ، وهذا الوجه وإن كان فاسدا في « التّقليد » بل في باب « القضاء » إلاّ أنّ احتماله يكفي مانعا عن قياس المقام به ولا بدّ من تنزيل عبارة « الكتاب » على هذا الوجه وإن استلزم خلاف الظّاهر في بعض ألفاظها. وببالي أنّه قدسسره يفسّر العبارة في مجلس البحث بذلك ؛ فإنّ الوجه الأوّل ممّا لا يمكن الالتزام بلوازمه الفاسدة.
نعم ، ترتيب ما أفاده قدسسره على الوجه الثّاني من عدم التّسوية بين الظّنين يحتاج إلى مزيد تأمّل ؛ فإنّه يمكن أن يقال : إنّ عدم ملاحظة الشّارع الطّريقيّة في جعل الأمارات إذا لم يوجب الإعراض عن الواقع كما هو المفروض ، فأيّ مانع من الحكم بحجيّة الظّن في تشخيص الواقع كالظّنّ في تشخيص الطّريق الّذي فرض انسداد باب العلم به كالواقع؟ وأيّ مزيّة للثّاني على الأوّل؟
غاية ما هناك ملاحظة الشّارع وجود مصلحة في أمره بسلوك الطّريق