غيره ممّا دلّ على الحصر بقول مطلق ؛ فإنّ المراد من الأوّل قضاء النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالحقّ الواقعي على طبق البيّنة واليمين. كيف! وجعل الحكم الظّاهري في حقّه غير معقول. ومن الثّاني الحصر بالإضافة إلى غيرهما من الأمارات هذا.
وإن أردت شرح القول في ذلك فراجع إلى ما علّقناه في « الكتاب » في مسألة البحث عن « العلم » (١) فإنّا قد استوفينا الكلام فيما يتعلّق بالمقام نقضا وإبراما ، وإلى ما كتبناه في باب « القضاء » من الفقه (٢) ؛ وقد ذكرنا هناك ما يدلّك على أنّ شرع القضاء بالموازين المقرّرة ليس على السّببيّة المحضة ؛ بحيث لم يلاحظ الطّريقيّة فيها أصلا ورأسا ، بل على الطّريقيّة والكشف النّوعي (٣) حتّى في مسألة القرعة كما يظهر من أخبارها.
مع أنّ عدم ملاحظة الكشف لا يلازم إعراض الشّارع عن الواقع رأسا بحيث لو علم بخطأ البيّنة بالنّسبة إلى الواقع حكم بكونها حجّة ، غاية ما هناك كون اعتبارها من باب التعبّد الصّرف كاعتبار الأصول في مجاريها مثل الاستصحاب ، ولا يلزم من اعتبارها على هذا الوجه إعراض الشّارع عن الواقع في مواردها بحيث يقيّد الواقع بها حتّى يشبه التّصويب الّذي اتّفقت كلمة العامّة على بطلانه في الموضوعات.
__________________
(١) بحر الفوائد : ج ١ / ٥.
(٢) كتاب القضاء : ج ١ / ١٦٠ ـ ١٦٨.
(٣) نفس المصدر في مواضع ومنها : ج ٢ / ٩٧٩.