العلم معتبرا شرعا كالطّرق الظّنيّة والأمارات ، فلا بدّ أن يلتزم في مورده كمواردها بقضيّتين شرعيّتين :
إحداهما : واقعيّة ثابتة في نفس الأمر من غير أخذ أحد من الإدراكات فيها. والثّانية : ظاهريّة قد أخذ العلم بالواقع الأوّلي أو الظّن به في موضوعها ؛ حتّى لا يلزم هناك دور كما أسمعناك في البحث عن مسألة العلم.
وبالجملة : لا بدّ من أن يعتبر هناك متعلّق للعلم والظّن غير القضيّة التي أخذ أحدهما في موضوعها. ومن هنا ذكرنا في أوّل التّعليقة : أنّه يمكن أخذ العلم في القضيّة الشّرعيّة بالنّسبة إلى الموضوعات دون الأحكام ، إلاّ أن يكون هناك قضيّة اعتبر تعلّق العلم بها بالنّسبة إلى قضيّة أخرى.
فإن قلت : إنّ مراده من التكليف المقيّد بالطّريق هو التّكليف الفعلي الّذي هو مدار الإطاعة والمعصية ولوازمها من استحقاق الثّواب والعقاب وغيرهما على ما يفصح عنه كلماته قدسسره كما عرفت عن أخيه قدسسره في الوجه الأوّل فيعتبر تعلّق العلم أو الظّن بالحكم النّفس الأمري المطلق المعرّى عن جميع القيود والاعتبارات الإدراكيّة موضوعا للحكم الفعلي ، فيكون هنا قضيّتان ، فلا يلزم دور. فيندفع الإيراد الثّاني ، بل الأوّل عند التّأمل ؛ لأنّ الالتزام بانحصار التّكليف الفعلي بما قام به الطّريق المعتبر بقول مطلق من غير فرق بين العلم وغيره ممّا لا ضير فيه أصلا ، بل لا بدّ من الالتزام به ولا تعلّق لهذا بمسألة التّصويب ولا يقول المصوّبة به كيف! وهم ينكرون الأحكام الواقعيّة وثبوت القضيّتين بالمعنى الّذي عرفت.