الطّريق في حكم العقل لا يجامع المؤاخذة عند مخالفته فلا محالة يحكم العقل بتجويز كلّ منهما في باب الإطاعة ولا يلزم خصوص الأوّل ؛ حيث إنّ المطلوب العقلي يحصل بكلّ منهما من غير فرق.
ومن هنا قال قدسسره فيما عرفت : « وفرق بين كون الشّيء مطلوبا بذاته وكون المطلوب حاصلا به » (١) حيث إنّ الواجب العقلي حاصل في إتيان الواجب الواقعي مع العلم به لا أن يكون هو الواجب العقلي من حيث هو ».
ففيه : أنّ هذا وإن كان مسلّما عندنا ، إلاّ أنّه لا تعلّق له بحكم الشرع وليس من جهة سلوك الطّريق من حيث ذاته ، بل من حيث البناء على كون مؤدّاه هو الواجب الواقعي بجعل الشّارع ، فسلوكه بالجعل هو عين الواقع لا أن يكون مغايرا له بهذه الملاحظة وإن كان غيره بملاحظة أخرى.
وبالجملة : لا إشكال في أنّ سلوك الأمارة بل الأصل التّعبّدي ما لم ينكشف خلافهما موجب لسقوط العقاب في حكم العقل ، لكنّه لا ينتج في كون الطّريق مطلوبا من حيث هو في قبال الواقع أو قيدا للواقع كما صرح به في آخر كلامه الّذي عرفت في الجواب عن السّؤال.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ما أفاده بعد انسداد سبيل العلم بالواقع والطّريق وتعيّن تحصيل الظّن بالبراءة في حكم العقل وعدم حصوله إلاّ من الظّن بالطّريق ؛ نظرا
__________________
(١) هداية المسترشدين : ج ٣ / ٣٥٣.