لا يعتقد بمعرفتها الاحتجاج بها على وجه الاستدلال ؛ لمعرفة الأحكام وأصول الشّريعة كسائر الأدلّة ولم يقع فيها ـ من الاختلال الّذي يتعذّر أو يتعسّر غالبا إدراكه ويختلف الأنظار فيه ـ ما وقع في أخبار الأئمّة عليهمالسلام ، ومن ثمّ فرق بينهما فيما ذكر. وقد وقع نظيره في الشّهادات والأقارير أيضا ، فاعتبر في بعضها من التّعيين والتّفصيل ما لم يعتبر في أخرى.
وأمّا ما صدر من كثير من أعاظم الأصحاب وغيرهم من الاعتماد على بعض المراسيل ، فليس ذلك باعتبار قطع المرسل بصدق الخبر ـ كما يظهر من بعض من لا يعتدّ به ، مع شهادة الأمارات بخلاف ذلك ـ بل لاستظهار عدم إرساله إلاّ عن ثقة يعتمد على خبره ، أو من شهدت القرائن الخاصّة برجحان صدقه ، كما بيّن مفصّلا في محلّه (١).
وإذا علم أو استظهر من النّاقل دعوى العلم بقول المعصوم عليهالسلام أو غيره ممّا سبق بطريق الكشف الناشئ عن أحد الوجوه المتقدّمة الغير المقتضية للعلم بقوله عليهالسلام ، بعينه أو ما في حكمه وهذا هو الّذي نفينا حجيّته في حقّ غيره.
والدّليل عليه : أنّه أخذ ذلك من مقدّمتين :
الأولى : أنّ الحكم قد تحقّق فيه اتفاق العلماء ، أو علماء العصر ، أو علماء فيهم مجهول النّسب ، أو غير ذلك من أسباب الكشف. وهذه وجدانيّة ، يجوز فيها تصديقه والتّعويل على خبره المستند إلى الحسّ ، ولو باعتبار أسبابه وآثاره مع عدم ظهور خلافه كما سبق. ولا يعوّل فيها على قطعه المستند إلى حدسه الّذي هو
__________________
(١) أنظر الكتب الرجالية ـ التوثيقات العامة ، بحث مشايخ الثقات.