مقدّمة التحقيق
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على خير خلقه محمّد وعلى أهل بيته الطاهرين.
وبعد ، إنّ علم الفقه من أجلّ العلوم شأناً وأعلاها مكاناً وأرجحها ميزاناً وأعظمها شرفاً ، فله المرتبة العليا والمنزلة القصوى ، وكفى له علوّاً وامتيازاً وسموّاً واعتزازاً أنّ الفقه عماد الدين ، وما عبد الله بشيء أفضل من الفقه في الدين (١). فهو الطريق الوحيد لمعرفة شريعة سيّد المرسلين وأحكام الله المنزلة بالوحي على لسان رسول الله خاتم النبيّين.
ولهذا اهتمّ بشأنه العلماء خلفاً عن سلف ، وأتعبوا أبدانهم في طلب معرفته وتحصيله ، وأسهروا أجفانهم ، وتجرّعوا لنيله الغصص ، وخاضوا لأجله اللجج ، وطووا لطلبه البيداء حتّى فازوا بالمراد ، وأصبحوا مناهج الرشاد وهداة العباد.
وقد صنّفوا وألّفوا فيه المصنّفات والمؤلّفات من صدر الأوائل إلى الأواخر التي لا تعدّ ولا تحصى ، حتّى قيل : إنّ أكثر التراث المدوّن للشيعة الإماميّة يتمثّل في علم الفقه ، حيث خلّف السلف من علمائنا ميراثاً خالداً وعطاءً زاخراً في هذا المجال.
إنّ كتاب المختصر النافع تأليف الشيخ نجم الدين المحقّق الحلّي ( ٦٠٢ ٦٧٦ ه. ) من المتون المهمّة للفقه الجعفري ، لخّصه المؤلّف من كتاب شرائع الإسلام ولهذا يسمّى أيضاً النافع في مختصر الشرائع.
وهو على إيجازه أحد المتون المهمّة في فقه الشيعة الإماميّة ، التي عوّل عليها كافّة الفقهاء ودارت عليه رحى التدريس والتعليق والشرح من لدن عصر المؤلّف حتّى اليوم ، ذكر صاحب الذريعة ،
__________________
(١) كنز العمّال ، ج ١٠ ، ص ١٤٧ ، ح ٢٨٧٥٢.