.................................................................................................
______________________________________________________
ولو نذر حال حياته أن يحج ماشياً أو حافياً ولم يأت به حتى مات وأوصى به ، فإن قلنا بأن الحج النذري يخرج من الثّلث كما هو المختار فلا كلام ، وأمّا لو قيل بخروجه من الأصل أوصى به أم لم يوص به كما عليه المصنف فهل يخرج الحج النذري بجميع خصوصياته التي منها كونه ماشياً أو حافياً من أصل التركة ، أو يخرج منه أصل الحج النذري دون خصوصياته؟ وجهان.
اختار المصنف الأوّل ، والأظهر هو الثاني ، وذلك لأنّ الذي يجب خروجه من صلب المال إنما هو حج الإسلام وأمّا غيره فلا دليل على خروجه منه ، وإنما ادعي الإجماع على إلحاق الحج النذري بحج الإسلام ، ولو سلمنا كون الإجماع تامّاً فإنّما يتم في خروج أصل الحج لا في الخصوصيات.
وبعبارة أُخرى : الإجماع دليل لبِّي لا بدّ من الاقتصار فيه على القدر المتيقن وهو خروج أصل الحج النذري من الأصل لا الخصوصيات ، نظير الصوم المنذور في يوم معيّن كيوم الجمعة إذا صادف العيد أو اتفق له السفر أو المرض ، فإن القاعدة تقتضي بطلان نذره لعدم التمكّن من متعلقه ، ولكن النص (١) دلّ على وجوب القضاء ومقتضاه وجوب أصل القضاء وجواز إلغاء الخصوصيات المأخوذة فيه ككونه واقعاً في يوم الجمعة أو في شهر رجب بل يقضي يوماً بدل يوم.
ثمّ إنه لو فرضنا أن الدليل دلّ على لزوم القضاء في الحج النذري لم يكن فرق بين الصورتين اللتين ذكرهما المصنف بقوله : «ففرق بين كون المباشرة قيداً في المأمور به أو مورداً» ، وذلك لأنّ نذره إذا تعلق بالحج ماشياً فلا محالة كان الواجب عليه هو المشي ببدنه لاستحالة المشي ببدن غيره ، فالتقييد وعدمه سيان من هذه الجهة ، فإذا وجب القضاء مع عدم التقييد وجب مع التقييد أيضاً.
فتحصل : أن الظاهر عدم وجوب قضاء الحج النذري وإنما يختص بالواجب أصالة ، وعلى فرض وجوب القضاء فالواجب إخراج أصل الحج دون الخصوصيات.
__________________
(١) الوسائل ٢٣ : ٣١٠ / أبواب النذر ب ١٠ ح ١.