.................................................................................................
______________________________________________________
ثانيهما : أنّه عبارة عن اثني عشر ميلاً من كل جانب ، ذهب إليه المحقق (١) وصاحب الجواهر (٢) ، هذا بحسب الأقوال.
وأمّا الروايات فلم يرد فيها التحديد باثني عشر ميلاً إلّا أن تحمل ثمانية وأربعون ميلاً على التوزيع والتقسيط على الجوانب الأربعة ، فيكون الحد من كل جانب اثني عشر ميلاً. وهذا بعيد جدّاً وإن حاول ابن إدريس (٣) رفع النزاع والخلاف بين الأصحاب بذلك.
والمعتمد هو القول المشهور لصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : قول الله عزّ وجلّ في كتابه (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) قال : يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة ، كل من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلاً ذات عِرق وعُسفان كما يدور حول مكّة فهو ممن دخل في هذه الآية ، وكل من كان أهله وراء ذلك فعليهم المتعة». (٤) وهذه الرواية كما تراها واضحة الدلالة على ما ذهب إليه المشهور ، ولا يمكن تأويلها أو حملها على ما ذهب إليه ابن إدريس من تقسيط ثمانية وأربعين ميلاً على الجوانب الأربعة ، وأمّا ذكر ذات عرق وعُسْفان (٥) في الصحيحة فهو من باب تطبيق الحد المذكور عليهما تقريباً.
ونحوها رواية أُخرى لزرارة ، قال «قلت : فما حد ذلك؟ قال : ثمانية وأربعين ميلاً من جميع نواحي مكّة دون عسفان ودون ذات عرق» (٦).
ولكنّها ضعيفة بجهالة طريق الشيخ إلى علي بن السندي المذكور في السند ، فإن الشيخ كثيراً ما يروي عن علي بن السندي وغيره من الرواة من دون ذكر الواسطة
__________________
(١) الشرائع ١ : ٢٦٧.
(٢) الجواهر ١٨ : ٦.
(٣) السرائر ١ : ٥١٩.
(٤) الوسائل ١١ : ٢٥٩ / أبواب أقسام الحج ب ٦ ح ٣.
(٥) عُسْفان بضم أوّله وسكون ثانيه بين الجحفة ومكّة وهي من مكّة على مرحلتين. وذات عرق مهلّ أهل العراق وهو الحد بين نجد وتهامة. معجم البلدان ٤ : ١٢١ ، ١٠٧.
(٦) الوسائل ١١ : ٢٦٠ / أبواب أقسام الحج ب ٦ ح ٧.