.................................................................................................
______________________________________________________
وملخّصه : أن الترجيح بالكتاب إنما هو فيما إذا كانت دلالة الكتاب دلالة لفظيّة وأمّا إذا كانت الدلالة بالإطلاق فقاعدة الترجيح بالكتاب غير جارية ، إذ ليس ذلك مدلولاً لفظياً للكتاب ، لأنّ الإطلاق مستفاد من قيد عدمي ، والعدمي ليس من القرآن ليكون مرجعاً أو مرجحاً لأحد الطرفين.
وبتعبير آخر : مورد الرجوع إلى القرآن والترجيح به إنما هو فيما إذا كان عدم العمل بالقرآن منافياً للظهور اللفظي بحيث يصدق أنه قال الله تعالى كذا في الكتاب وهذا المعنى لا يصدق على مجرّد الإطلاق المستفاد من مقدّمات الحكمة.
وعليه فلا مجال للرجوع إلى إطلاق الكتاب لسقوطه بالتعارض ، فالمرجع إطلاق ما دلّ على أصل وجوب الحج المقتضي للتخيير بين الأقسام الثلاثة ، فإن الواجب إنما هو طبيعي الحج ، والتقييد ببعض الأقسام قد سقط بالمعارضة على الفرض.
ولو أغمضنا عما ذكرنا وقلنا بعدم إمكان الرجوع إلى الآيات الدالّة على وجوب أصل الحج بدعوى أنها في مقام التشريع ولا إطلاق لها من ناحية ثبوت الأحكام فتصل النوبة إلى الأصل العملي ، وقد قيل إن مقتضاه الاشتغال لدوران الأمر بين التعيين والتخيير ، فيتعيّن عليه الإفراد لأنّه موجب للفراغ قطعاً بخلاف التمتّع ، ولكن قد ذكرنا في محلّه (١) أنّ الشك في التعيين والتخيير إنما يقتضي الاشتغال في مورد التزاحم وفي موارد الشك في الحجية ، وأمّا في موارد الشك في التكليف كالقصر والإتمام التي يدور أمر الواجب بين التعيين والتخيير فمقتضى الأصل هو البراءة عن التعيين ، لأنّ المورد من صغريات دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، فإن الطبيعي الجامع معلوم الوجوب وتقييده بخصوص أحدهما مشكوك فيه وهو أمر زائد والأصل يقتضي البراءة عنه ، فما ذكروه من أن الشك في التعيين والتخيير يقتضي الاشتغال لا أساس له.
فالصحيح ما ذهب إليه المشهور من جواز التمتّع له أيضاً إمّا للإطلاقات وإمّا لأصالة البراءة عن الخصوصية.
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٤٥٧.