وأمّا الأخبار الدالّة على أنه بعد ستّة أشهر أو بعد خمسة أشهر فلا عامل بها (*) ، مع احتمال صدورها تقية وإمكان حملها على محامل أُخر ، والظاهر من الصحيحين اختصاص الحكم بما إذا كانت الإقامة بقصد المجاورة ، فلو كانت بقصد التوطن فينقلب بعد قصده من الأوّل ، فما يظهر من بعضهم من كونها أعم لا وجه له ، ومن الغريب ما عن آخر من الاختصاص بما إذا كانت بقصد التوطن. ثمّ الظاهر أنّ في صورة الانقلاب يلحقه حكم المكي بالنسبة إلى الاستطاعة أيضاً فيكفي في وجوب الحج الاستطاعة من مكّة ولا يشترط فيه حصول الاستطاعة
______________________________________________________
ومنها : خبر محمّد بن مسلم : «من أقام بمكّة سنة فهو بمنزلة أهل مكّة» (١). وربّما يتوهّم صحّة الخبر لأنّ رجال السند كلّهم من الأعيان والثقات ، ولكنه ضعيف لضعف طريق الشيخ إلى العباس بن معروف الذي روى عنه الشيخ في الفهرست (٢) بأبي المفضل ولم يذكر طريقه إليه في المشيخة.
ومنها : خبر حماد ، قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أهل مكّة أيتمتعون؟ قال : ليس لهم متعة ، قلت : فالقاطن بها ، قال : إذا أقام بها سنة أو سنتين صنع صُنع أهل مكّة» (٣) ولكنّه ضعيف السند لأنّ ابن أبي عمير يرويه عن داود عن حماد ولم يعلم من هو داود ، فإنه مشترك بين الثقة وغيره.
ومنها : معتبرة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «المجاور بمكّة سنة يعمل عمل أهل مكّة يعني يفرد الحج مع أهل مكّة ، وما كان دون السنة فله أن يتمتّع» (٤) والرواية معتبرة لأنّ إسماعيل بن مرار المذكور في السند وإن لم يوثق في
__________________
(*) مع أنها معارضة بالصحيحين فيجري فيها ما تقدّم ، على أن ما دلّ على أنه بعد خمسة أشهر ضعيف.
(١) الوسائل ١١ : ٢٦٥ / أبواب أقسام الحج ب ٨ ح ٤.
(٢) الفهرست ١١٨ : ٥١٨.
(٣) الوسائل ١١ : ٢٦٧ / أبواب أقسام الحج ب ٩ ح ٥.
(٤) الوسائل ١١ : ٢٦٩ / أبواب أقسام الحج ب ٩ ح ٨.