.................................................................................................
______________________________________________________
البراءة عن لزوم التجديد.
وأشكل عليه في الجواهر بأنّ ما أوقعه أوّلاً لم يكن بمأمور به فهو فاسد فلا بدّ من إتيان الإحرام الصحيح المأمور به ، ومجرد كون الثاني مساوياً للأوّل في الكون في غير مكّة لا أثر له ، لأنّ الإحرام الأوّل فاسد فهو كالعدم ، وليس النسيان مصححاً وإنّما هو عذر في عدم وجوب العود ، وذلك لا يوجب الاجتزاء بالإحرام الأوّل. وأمّا أصالة البراءة فلا مجال لها مع الإطلاقات الدالّة على الإتيان بالإحرام الصحيح ، وما أتى به غير صحيح على الفرض ، وقد عرفت أن مجرّد النسيان لا يصحح الإحرام وإنما هو عذر لترك الواجب ، فالحكم بالصحّة يحتاج إلى الدليل وهو مفقود (١). وما ذكره صحيح متين.
ثمّ إن مقتضى إطلاق كلام المصنف (قدس سره) عدم جواز الاكتفاء بإحرام من أحرم من غير مكّة ناسياً أو جاهلاً ولو كان حين الإحرام غير متمكن من الرجوع إلى مكّة واقعاً حتى إذا كان متذكراً ، كما أن صاحب الجواهر (قدس سره) تأمل في الحكم بالصحّة في الصورة المذكورة ، ولكن لا يبعد جواز الاكتفاء بإحرامه إذا كان حينه غير متمكِّن من الرجوع إلى مكّة واقعاً ، لأنه قد أتى بما هو مكلف به واقعاً وهو الإحرام من هذا المكان لفرض عدم إمكان العود ، فإحرامه صحيح وإن لم يعرف سببه ، بل تخيل واعتقد أنّ الإحرام من هذا المكان جائز في نفسه وأنّه بحسب الوظيفة الأوّلية مع أنّ الأمر ليس كذلك وإنما جاز له الإحرام في هذا المكان لعجزه عن العود إلّا أنّ هذا الاعتقاد غير ضائر في صحّة عمله وإحرامه بعد فرض مصادفته للأمر به واقعاً ، فلا بدّ من التفصيل بين الإحرام الصادر عنه جهلاً أو نسياناً في حال التمكن من الرجوع إلى مكّة فيحكم ببطلانه ، لعدم كونه مأموراً به وبين الإحرام الصادر عنه في حال العجز عن العود إلى مكّة فيحكم بصحّته ، لانقلاب وظيفته الواقعية إلى الإحرام من هذا المكان وإن لم يعلم به.
__________________
(١) الجواهر ١٨ : ٢١ ، ٢٢.