.................................................................................................
______________________________________________________
يأتي بالمناسك.
ففي صحيح حماد «من دخل مكّة متمتعاً في أشهر الحج لم يكن له أن يخرج حتى يقضي الحج ، فإن عرضت له حاجة إلى عسفان ، إلى أن قال : خرج محرماً ودخل ملبياً بالحج» (١) وفي صحيح الحلبي «عن الرجل يتمتّع بالعمرة إلى الحج يريد الخروج إلى الطائف ، قال : يهل بالحج من مكّة وما أُحب أن يخرج منها إلّا محرما» (٢).
فإنه لم يفرض فيهما الفراغ من العمل ، بل الظاهر منهما أن موضوع السؤال والجواب هو الاشتغال بالأعمال وأنه يخرج وهو مشغول بالأعمال ، خصوصاً أن قوله «يتمتّع» في صحيح الحلبي ظاهر جدّاً في كون موضوع الحكم مجرد الدخول في مكّة والاشتغال بالأعمال وعدم الفراغ منها ، لأنّه فعل استقبالي يدل على الاشتغال بالعمل في الحال بخلاف الفعل الماضي فإنّه يدل على الفراغ من العمل كما هو كذلك في سائر موارد الاستعمالات ، فإذا قيل رجل يصلِّي يراد به الاشتغال بالصلاة ، وإذا قيل رجل صلّى معناه الفراغ منها ، وقد ذكرنا سابقاً أن قوله «ما أُحب» لا يدل على الجواز مع الكراهة وإنّما يدل على مطلق المبغوضية وهي أعم من الكراهة والحرمة ، وإذن فلا نعرف وجهاً لجواز الخروج التكليفي في الأثناء ، فلا فرق في حرمة الخروج بين أثناء العمل أو بعده.
ثانيهما : أنه إذا فرضنا أنه خرج من مكّة محرماً بإحرامه الأوّل جهلاً أو غفلة أو عمداً قبل الفراغ من عمرته وأراد الرجوع فهل يجب عليه إحرام جديد لدخول مكّة أو أنه يدخل بنفس الإحرام الأوّل؟.
الظاهر أنّه لا حاجة إلى إحرام جديد ، لأنّ المفروض أنه على إحرامه ولم يحل ، ولا موجب لبطلان الإحرام الأوّل ، ولا دليل على إحرام آخر غير الأوّل ، حتى إذا بقي شهراً أو أزيد وأراد الدخول جاز له الدخول بنفس الإحرام الأوّل ، فإن الفصل بشهر إنّما يوجب الإحرام مجدداً على من خرج محلّاً وأراد الدخول بعد شهر لا على من خرج محرماً وهو باق على إحرامه.
__________________
(١) ٢) الوسائل ١١ : ٣٠٢ / أبواب أقسام الحج ب ٢٢ ح ٦ ، ٧.