.................................................................................................
______________________________________________________
وذلك لأنّ محل البحث في الإجزاء إنما هو فيما إذا كان الأمر الواقعي موجوداً ولكن لا يعلم به ، وكان الأمر الظاهري مخالفاً له ، فيقع البحث حينئذٍ في أن الأمر الظاهري هل يجزئ عن الأمر الواقعي الموجود أم لا؟ كما إذا قام الدليل على عدم اعتبار السورة في الصلاة ثمّ انكشف الخلاف وتبين وجود الدليل على لزوم السورة ، فيصح أن يقال : إن الأمر الظاهري يجزئ عن الأمر الواقعي أم لا ، وأمّا إذا فرضنا أنه لم يكن للأمر الواقعي وجود أصلاً حين الإتيان بالأمر الظاهري وإنما يحدث بعد ذلك فلا مجال ولا مورد للإجزاء ، كما إذا صلّى قبل الوقت فإنه لا أمر بالصلاة أصلاً وإنما هو تخيل وتوهم لوجود الأمر.
وبالجملة : لا مورد للإجزاء في المقام أصلاً حتى على قول الأشعري القائل بالتصويب وانقلاب الواقع إلى ما أدى إليه الظاهر ، لأنّ الإجزاء حتى على القول بالتصويب إنما يتحقق فيما إذا كان للأمر الواقعي وجود ولكن لا يعلم به ، وأمّا إذا لم يكن موجوداً أصلاً فلا مجال للإجزاء أبداً ، نظير ما لو صام في شعبان بدلاً عن شهر رمضان.
وأمّا لو انكشف الخلاف بعد التجاوز عن المحاذي وعلم عندئذ أن إحرامه كان قبل المحاذي أو بعده ، ذكر في المتن أنه يجب عليه العود والتجديد في الموضع المحاذي في كلتا الصورتين إن أمكن ، وإلّا ففي الصورة الأُولى وهي ما إذا أحرم قبل المحاذي يجدد الإحرام في مكانه ، وفي الصورة الثانية وهي ما إذا أحرم بعد المحاذاة يكتفي بإحرامه وإن كان الأولى التجديد مطلقا.
وما ذكره وإن كان صحيحاً إلّا أن ما اختاره من الاكتفاء بالإحرام في الصورة الثانية على إطلاقه غير تام ، بل لا بدّ من التفصيل بين ما إذا لم يكن قادراً في وقت الإحرام من الرجوع واقعاً فكانت وظيفته الواقعية حال الإحرام عقده من هذا المكان ، لعدم قدرته على العود واقعاً ، فاحرامه صحيح وقد أتى بوظيفته ولا حاجة إلى التجديد ، وبين ما إذا كان يمكنه الرجوع حال الإحرام وإن تعذّر عليه فعلاً حين الالتفات وانكشاف الخلاف ، ففي مثله لا بدّ من تجديد الإحرام من هذا المكان ولا يكتفي بالإحرام الأوّل ، لأنّ الإحرام في غير الميقات إنما يجوز لمن لا يتمكن من