.................................................................................................
______________________________________________________
مسلك المشهور في جريان البراءة في أمثال المقام.
وأمّا على مسلك المحقق صاحب الكفاية (١) من أن الأقل والأكثر إذا كانا من قبيل العام والخاص فلا تجري البراءة العقلية ولا النقلية ، وإنما تجري قاعدة الاحتياط وذلك لأنّ كلّاً من العام والخاص وجود بنفسه ، وليس الخاص وجوداً للعام وزيادة فالرقبة المؤمنة في مثال ما لو قال المولى لعبده أعتق رقبة مؤمنة ليست رقبة وزيادة بل الرقبة المؤمنة وجود مستقل ، فإن أعتق الرقبة في ضمن غير المؤمنة فقد أتى بما يباين المأمور به ، وإن أتى بالمؤمنة فقد أتى بما هو الواجب في نفسه ، فالشك في اعتبار الإيمان في الرقبة ليس شكّاً في الزيادة ليدفع بأصالة البراءة.
وبتعبير آخر : إتيان الطبيعي في ضمن غير المقيّد إتيان بأمر مباين للمقيّد ، والشك بينهما من المتباينين ، نعم لا بأس بجريان البراءة في احتمال الشرطية ، لأنّ الواجب أمر معلوم ونشك في اشتراطه بأمر آخر فيدفع بالأصل ، ومسألة الدوران بين التعيين والتخيير في المقام من قبيل العام والخاص ، ويرجع الشك فيها إلى الشك بين المتباينين ، ومقتضى الأصل هو الاشتغال.
وكذلك لا مجال للبراءة بناءً على ما سلكه شيخنا الأُستاذ (٢) (قدس سره) في التعيين والتخيير.
وحاصل ما ذكره : أنّ البراءة إنما تجري عن التعيين إذا لم تكن الأطراف بنظر العرف متباينة وإلّا فيجري الاشتغال ، فإذا دار الواجب بين نوعين وصنفين كالعبد والأمة تجري أصالة الاشتغال ، لأنهما بنظر العرف متباينان وإن كانا بحسب الدقّة متحدين وداخلين تحت جنس واحد ، وكذا يجري الاشتغال فيما لو دار الواجب بين كونه جنساً أو نوعاً خاصّاً ، فإن الجنس لا وجود له إلّا بالنوع ، والشك بينهما من قبيل الشك بين المتباينين.
__________________
(١) كفاية الأُصول ٢ : ٢٢٧.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢٠٨.