.................................................................................................
______________________________________________________
فيهما على حد سواء ، بل لا ريب في أن مقتضى الاحتياط هو الإحرام من المواقيت المعروفة لأنه يجزي قطعاً ، وأمّا الإحرام من أدنى الحل فلم يثبت وجوبه أو الاكتفاء به ، وأصالة البراءة في كل من الطرفين معارضة بأصالة البراءة في الآخر ، فمقتضى القاعدة هو الاشتغال المقتضي للإحرام من المواقيت المعيّنة لأنه مجزئ قطعا.
على أنه لا مجال لأصالة البراءة مع النصوص الدالّة على لزوم الإحرام من المواقيت المعروفة وعدم جواز العدول عنها ، ففي صحيحة الحلبي «ولا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)» (١). وفي صحيحة علي بن جعفر «فليس لأحد أن يعدو من هذه المواقيت إلى غيرها» (٢) وغيرهما من الروايات فإن المستفاد منها وجوب الذهاب إلى هذه المواقيت وعدم جواز العدول والاعراض عنها.
والذي ينبغي أن يقال في توضيح جريان أصالة البراءة في المقام والاكتفاء بالإحرام من أدنى الحل : إنه لا ريب في أننا نعلم إجمالاً بوجوب الإحرام من موضع ما قبل الدخول في الحرم ، فإن تعين موضعه بدليل معتبر فهو وإلّا فالمتبع في تعيين موضعه هو الأصل العملي ، ولا إشكال في أن الإحرام من المواضع المعروفة مجزئ قطعاً ، وإنما الكلام في جواز الاجتزاء بغير ذلك كأدنى الحل ، فيكون المقام من دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، إذ لا ندري أن الواجب هو الأعم الجامع بين المواقيت وبين غيرها كأدنى الحل ، أو أن الواجب خصوص الإحرام من المواقيت.
وبعبارة اخرى : لا ريب في أنا نعلم بعدم جواز الإحرام من غير هذه الأماكن وأن المكلف لم يكن مخيراً في موضع إحرامه ، بل يلزم عليه الإحرام إما من خصوص هذه المواقيت المعروفة أو من الأعم منها ومن أدنى الحل ، فيكون المقام من دوران الأمر بين التعيين والتخيير المعبر عنه بالأقل والأكثر أيضاً ، فإن الأقل هو التخيير لإلغاء قيد الخصوصية والأكثر هو التعيين لأخذ قيد الخصوصية ، والمعروف والمشهور هو جريان أصالة البراءة عن الأكثر أي عن التعيين فالنتيجة هي التخيير ، هذا على
__________________
(١) ٢) الوسائل ١١ : ٣٠٨ / أبواب المواقيت ب ١ ح ٣ ، ٩.