.................................................................................................
______________________________________________________
الثانية : ما دل على وجوب الإحرام لدخول الحرم كصحيحة عاصم «يدخل الحرم أحد إلّا محرماً؟ قال لا إلّا مريض أو مبطون» (١).
ومقتضى الطائفتين في بادئ الأمر وجوب الإحرام لدخول مكّة ودخول الحرم ولكن التأمل فيهما يقضي بوجوب الإحرام لدخول مكّة فقط ، وحمل أخبار الحرم على مريد الدخول إلى مكّة. والوجه في ذلك : أن جعل الحكمين معاً أي جعل وجوب الإحرام لدخول الحرم وجعل وجوب الإحرام لدخول مكّة يستلزم اللغوية.
بيان ذلك : الحكم بوجوب الإحرام لو كان مختصّاً بمن كان داخل الحرم لأمكن جعل الحكمين معاً في حقه ، فيقال له : إذا أردت دخول مكّة يجب عليك الإحرام وإذا خرجت من الحرم وأردت دخوله يجب عليك الإحرام لدخول الحرم ، إلّا أنّ مقتضى بعض الروايات الصحيحة وصراحتها ثبوت هذا الحكم لعامّة المسلمين وعدم اختصاصه بطائفة دون اخرى ، كما في صحيحة معاوية بن عمّار «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم فتح مكّة : إن الله حرم مكّة يوم خلق السموات والأرض ، وهي حرام إلى أن تقوم الساعة ، لم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي» (٢).
فلا يمكن تخصيص الحكم بداخل الحرم ، وعليه فجعل الحكمين معاً يصبح لغواً لأنّه لو وجب الإحرام لدخول الحرم فإنما هو لأداء المناسك ، وإلّا فمجرّد الإحرام بدون الأعمال والمناسك لا نحتمل وجوبه ، ومن الواضح أن مكّة المكرمة محاطة بالحرم ، فإذا دخل الحرم محرماً لأداء المناسك فجعل وجوب الإحرام الثاني لدخول مكّة لغواً لا أثر له ، فهذه القرينة توجب حمل روايات وجوب الإحرام لدخول الحرم على من يريد الدخول إلى مكّة.
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٤٠٣ / أبواب الإحرام ب ٥٠ ح ٤ ، ١.
(٢) الوسائل ١٢ : ٤٠٤ / أبواب الإحرام ب ٥٠ ح ٧.