.................................................................................................
______________________________________________________
يكن مأموراً بالإحرام من الميقات الأوّل ، وإنما قصد الحج بعد التجاوز عن الميقات فجواز الإحرام له من الميقات الإمامي أولى من الحكم بجواز الإحرام منه لقاصد الحج من الأوّل ، وإذا لم يكن أمامه ميقات آخر فالظاهر أن المعروف بينهم أنه يحرم من مكانه ، فحاله حال الناسي والجاهل. وربّما يستدل له بالإجماع ، وفيه ما لا يخفى.
وقد يستدل له بإطلاق صحيح الحلبي لقوله : «عن رجل ترك الإحرام» ، فإن ذلك صادق على غير مريد النسك أيضا.
وفيه : أن الظاهر من السؤال أنه ترك الوظيفة المعيّنة المقرّرة له ، والسؤال والجواب ناظران إلى من ترك الوظيفة الواجبة عليه فلا يشمل من ترك الإحرام لعدم قصده إلى الحج أصلا.
والصحيح أن يستدل له بوجهين آخرين :
الأوّل : دعوى الأولوية القطعية ، فإن المكلف بالحج إذا سقط عنه وجوب الإحرام من الميقات وجاز له الإحرام من غير الميقات ، فثبوت هذا الحكم لمن لم يكن مأموراً بالحج من الأوّل واقعاً لعدم المقتضى ، بطريق أولى.
الثاني : ذيل صحيح الحلبي ، فإن صدره وإن كان لا يشمل غير مريد النسك كما عرفت ولكن ذيله لا مانع من شموله له ، لقوله : «فإن خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه» ، فإنه يستفاد منه جواز الإحرام من غير الميقات في كل مورد يخشى أن يفوت الحج منه ، والمفروض أن هذا الشخص قد وجب عليه الحج بالفعل ولا يجوز له التسويف ، وفرضنا أنه لا يتمكن من الذهاب إلى الميقات لضيق الوقت ونحوه من الاعذار ، فيحرم من غير الميقات ، فإن كان في الحرم وتمكن من الخروج إلى الحل يخرج ويحرم من الخارج ، وإن لم يتمكن من الخروج يحرم من مكانه ، وإن كان في خارج الحرم فيحرم من أي موضع شاء قبل الوصول إلى الحرم.
وبالجملة : مورد السؤال وإن كان لا يشمل المقام ولكن تعليله بخشية فوت الحج شامل له ، فإن المستفاد من التعليل أن المدار في جواز الإحرام من الميقات بخوف فوت الحج الواجب عنه.