سائر الديون فكأنه قد أتى بالعمل المستأجر عليه ، ولا فرق فيما ذكرنا بين العدول إلى الأفضل أو إلى المفضول ، هذا ويظهر من جماعة جواز العدول إلى الأفضل كالعدول إلى التمتّع تعبّداً من الشارع لخبر أبي بصير عن أحدهما «في رجل أعطى رجلاً دراهم يحج بها مفردة أيجوز له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحج؟ قال (عليه السلام) : نعم إنّما خالف إلى الأفضل» والأقوى ما ذكرناه ، والخبر منزّل على صورة العلم برضا المستأجر بذلك مع كونه مخيراً بين النوعين ، جمعاً بينه وبين خبر آخر (*) «في رجل أعطى رجلاً دراهم يحج بها حجة مفردة ، قال (عليه السلام) : ليس له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحج لا يخالف صاحب الدراهم» وعلى ما ذكرنا من عدم جواز العدول إلّا مع العلم بالرضا إذا عدل بدون ذلك لا يستحق الأُجرة في صورة التعيين على وجه القيدية وإن كان حجّه صحيحاً عن المنوب عنه ومفرغاً لذمّته إذا لم يكن ما في ذمّته متعيّناً فيما عيّن ، وأمّا إذا كان على وجه الشرطية (**) فيستحق إلّا إذا فسخ المستأجر الإجارة من جهة تخلّف الشرط ، إذ حينئذ لا يستحق المسمّى بل اجرة المثل.
______________________________________________________
أقول : لعلّ نظرهم إلى استئجار العمل المبهم المردد فإنّ ذلك مستلزم للغرر ، وأمّا إذا وقع عقد الإجارة على الطبيعي الجامع بين الأفراد فليس فيه أي غرر وإن اختلفت الأفراد كيفية وقيمة ، وللأجير اختيار أي فرد شاء وليس للمستأجر إلزامه باختيار فرد خاص كالأكثر قيمة أم غيره ، لكون المفروض أن المستأجر عليه هو الطبيعي الجامع بين الأفراد ، نظير استئجار شخص لصيام شهر من شهور السنة مع أن الصوم في الشتاء تختلف قيمته مع الصوم في الصيف ، وهكذا الحج البلدي إذا لم
__________________
(*) هذا الخبر ضعيف فإنه من غير المعصوم (عليه السلام) ، والعمدة أن الرواية الأُولى غير ظاهرة في التعبّد بقرينة التعليل فهي منزّلة على صورة العلم برضا المستأجر كما هو الغالب في موردها.
(**) مرّ أن مرجع الاشتراط إلى التقييد في أمثال المقام.