.................................................................................................
______________________________________________________
ودعوى : أن التعبير بالإعادة كما في النص كاشف عن بطلان الأوّل ، لأنّ المتفاهم من لفظ الإعادة هو بطلان ما أتى به أوّلاً ، فإن الإعادة عبارة عن الإتيان بالشيء ثانياً بعد الإتيان به أوّلاً ، لوقوعه على نوع خلل كتجرده عن شرط معتبر أو اقترانه بأمر مبطل كما عن الرياض (١) ، فاسدة ، إذ لا موجب للبطلان ، لأنّ المفروض أن أصل الحكم في نفسه مستحب ، فالالتزام ببطلان الإحرام الأوّل لفقدان الغسل بلا موجب ، بل هو باق على حاله وعلى إحرامه ، غاية الأمر يستحب له إعادة الإحرام مع الغسل.
والحاصل : لو تمّ ما ذكرناه من صحّة كلا الإحرامين فهو ، وإلّا فيتعين ما ذهب إليه المصنف من أن الإحرام الثاني صوري فلا موجب لبطلان الإحرام الأوّل أصلا.
فلا مانع من صحّة كلا الإحرامين لعدم المنافاة بينهما. وتوضيح ذلك يبتني على بيان حقيقة الإحرام.
فإن قلنا بأن الإحرام أمر اعتباري يحصل بالتلبية أو بالإشعار وهو مسبب من أحدهما ، نظير حصول الطّهارة من الوضوء أو الغسل ، فبناءً على هذا لا معنى لتكرار الإحرام ، لعدم تعقل تكرار أمر اعتباري ، لأنّ المفروض أنه قد حصل بالأوّل فلا معنى لحصوله ثانياً بسبب آخر ، فالشخص الواحد لا يمكن أن يكون محرماً بإحرامين ، فإن ذلك من اجتماع المثلين وذلك محال حتى في الأُمور الاعتبارية ، فلا محيص حينئذٍ إلّا من الالتزام بكون الإحرام الثاني صورياً أو حقيقياً والإحرام الأوّل باطلاً كما استظهره بعضهم من النص ، بدعوى أن إعادة الإحرام ظاهرة في الإحرام الحقيقي.
وإن قلنا بأنه لا دليل على كون الإحرام أمراً اعتبارياً وإن أمكن القول به بالنسبة إلى الطهور في باب الوضوء والغسل كما ذهب إليه بعضهم ، وإن كان الصحيح خلاف ذلك حتى في مثل الطهور ، فإنه ليس أمراً اعتبارياً حاصلاً من الوضوء أو الغسل ، بل
__________________
(١) رياض المسائل ٦ : ٢٤٠.