.................................................................................................
______________________________________________________
ودعوى أنه لا معنى للإحرام الثاني ، إن أُريد به عدم التكرر في الحكم الشرعي المترتب على الإحرام كحرمة الصيد وحرمة لبس المخيط واستعمال الطيب ونحوها فالأمر كما ذكر ، لعدم التعدد في الحكم الشرعي ، ولا معنى للقول بأنه يحرم عليه لبس المخيط ثانياً كما حرم عليه أوّلاً ، ولكن ليس هذا معنى الإحرام بل ذلك حكم مترتب على الإحرام ، فإن الإحرام له معنيان :
أحدهما : الالتزام بترك المحرمات ولو إجمالاً إلى أن يفرغ من الأعمال ، كما صرّح به الشيخ الأنصاري (قدس سره) في مناسكه ، ولذا لو كان بانياً من الأوّل أن يلبس المخيط أو يصيد فسد إحرامه لعدم التزامه بالترك.
ثانيهما : أن الإحرام هو التكلم بالتلبية مقدّمة للإتيان بالأعمال ، فقوله (لبّيك) قبول منه لإتيان الأعمال وليس وراء ذلك شيء آخر ، فحال التلبية حال تكبيرة الإحرام للصلاة بقصد إتيان بقيّة أفعال الصلاة ، فلو كان قاصداً للصيد أو لبس المخيط أو الاستظلال لا يضر بإحرامه وإن كان بانياً من الأوّل إتيان بعض التروك.
نعم ، القصد إلى بعض التروك في أثناء الأعمال كالجماع يضر بإحرامه ، لأنّه لم يكن قاصداً لإتيان حج صحيح ، فأمر الإحرام دائر بين اثنين إمّا أنه الالتزام بترك المحرمات وإمّا أنّه التلبية ، والصحيح هو الثاني كما سيأتي عن قريب إن شاء الله تعالى وعلى كلا التقديرين لا مانع من إعادة الإحرام وتعدّده ، إذ لا مانع من تعدد الالتزام كما لا مانع من إبراز الإحرام بالتلبية ثانياً ، وليس في تكرار التلبية أو الالتزام أي محذور ، غاية الأمر الإحرام الثاني مصداق للمستحب كما أنّ الإحرام الأوّل مصداق للواجب ، فكل منهما إحرام حقيقي ، نظير تكرار الوضوء فإنّ الوضوء بعد الوضوء نور على نور ، فالوضوء الأوّل صحيح وكذا الوضوء الثاني ، نعم لا معنى لتكرار الطّهارة الحاصلة من الوضوء وأمّا نفس الأفعال والأعمال فلا مانع من الالتزام بأنّ كلا الفردين حقيقيان ، غاية الأمر أحدهما واجب والآخر مستحب فكل منهما امتثال لأمره.