.................................................................................................
______________________________________________________
إرشاده إلى فساد الإحرام الأوّل وبطلان العمل السابق ، كما هو الظاهر منه في سائر موارد استعمالاته من الأعمال المركبة ، كقولنا إذا تكلّم في صلاته مثلاً : يعيد صلاته فإنّ ذلك إرشاد إلى بطلان الصلاة بالتكلم ، ولكن هذا المعنى غير قابل في المقام ، لما عرفت من أن الإحرام أمر بسيط وعبارة عن الدخول في الحرمة الإلهيّة وذلك لا يتصف بالصحّة والفساد ، بل يدور أمره بين الوجود والعدم كسائر الأُمور البسيطة مثل الزوجية والملكية ، وإنما يتصف بالصحّة والفساد أسبابها كالبيع وعقد النكاح وإلّا فنفس الزوجية أو الملكية إما موجودة أو معدومة ، وهكذا الإحرام إما متحقق في الخارج أو لا ، فليس للإحرام فرد صحيح وفرد فاسد ، فالارشاد إلى الفساد لا معنى له ، وأمّا الإرشاد إلى عدم التحقق وإن كان أمراً قابلاً ولكن لا يعبر عنه بالإعادة ، لأنّ الإعادة وجود ثان بعد الوجود الأوّل ، فإذا كان الإحرام الأوّل غير متحقق في الواقع فلا بدّ أن يقول يحرم بدل يعيد ، فالتعبير بالإعادة في مورد عدم التحقق وعدم الثبوت غير صحيح لعدم صدق الإعادة على ذلك.
وأمّا إرادة الوجوب التكليفي من قوله (عليه السلام) «يعيد» بمعنى وجوب الإتيان بالإحرام مرّة أُخرى ، فإن قلنا باشتراط الإحرام بالغسل يمكن القول بوجوب الإعادة ، ولكن التعبير بالإعادة أيضاً غير صحيح ، لأنه بناءً على اشتراط الإحرام بالغسل يكون الإحرام الأوّل باطلاً وكأنه لم يتحقق من الأوّل لفقد الشرط ، فيجب عليه الإحرام ثانياً فلا يصح أن يعبر عنه الإعادة ، لأنّ الإعادة وجود ثاني للطبيعي والمفروض عدم تحقّق الوجود الأوّل ، وإن قلنا بأن الغسل ليس بشرط للإحرام فلا تجب الإعادة ، إذ لا نحتمل وجوب الإحرام ثانياً لتدارك الغسل الذي ليس بشرط في الإحرام ، فلا بدّ من إرادة صورة الإحرام بأن يأتي بالتلبية بعد الغسل ، وهذا أمر ممكن لا مناص من الالتزام به وإن كان على خلاف ظاهر النص ، ولكن لا مانع من ارتكابه بعد ما عرفت من أن الإحرام أمر بسيط غير قابل للتكرار والإعادة ولا يمكن رفع اليد عنه إلّا بالتحلّل الشرعي.
ومن جميع ما ذكرنا يظهر أنه لا معنى لاستحباب إعادة الإحرام ، لأنّ الإعادة معناها رفع اليد عن الوجود الأوّل ، والإحرام على ما فسرناه غير قابل لرفع اليد