[٣٢٤٦] مسألة ١٧ : لا تحرم عليه محرمات الإحرام قبل التلبية وإن دخل فيه بالنيّة ولبس الثوبين ، فلو فعل شيئاً من المحرمات لا يكون آثماً وليس عليه كفّارة ، وكذا في القارن إذا لم يأت بها ولا بالإشعار أو التقليد ، بل يجوز له أن يبطل الإحرام ما لم يأت بها في غير القارن أو لم يأت بها ولا بأحد الأمرين فيه والحاصل أن الشروع في الإحرام وإن كان يتحقّق بالنيّة ولبس الثوبين إلّا أنّه لا تحرم عليه المحرمات ولا يلزم البقاء عليه إلّا بها أو بأحد الأمرين ، فالتلبية وأخواها بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصّلاة (١).
______________________________________________________
والظاهر : أنّ اختلاف الأصحاب يبتني على الاختلاف في حقيقة الإحرام ، فقد ذهب جمع إلى أنه عبارة عن الالتزام وتوطين النفس على ترك المحرمات والمنهيات المعهودة ، وقال جمع آخر من الفقهاء أن الإحرام يحصل بالتلبية ، وهو الصحيح عندنا وعليه فلا ينبغي الشك في لزوم المقارنة. حيث ذكرنا أن الإحرام أمر بسيط وهو الدخول في حرمة الله وانّما يتحقق بالتلبية وبها يدخل في الإحرام ، وإذن فلا حاجة إلى نيّة أُخرى غير نيّتها ، ولا بدّ من مقارنة التلبية مع نيّة الإحرام لاعتبار اقتران العمل من أوّله إلى آخره بالنيّة كما في سائر العبادات ، ولا أثر للنيّة السابقة إذا كان حال العمل غافلاً عنها بالمرّة ، ولذا ذكرنا بطلان الغسل لمن خرج من بيته مريداً للغسل وكان حين الغسل غافلاً عنه بالمرّة.
وإن قلنا بأن الإحرام هو الالتزام والعقد القلبي وإن لم يكن له أثر ما لم يلب ، فلهذا البحث مجال ويصح أن يقال بأنه هل يعتبر أن يكون العزم مقارناً للتلبية أم لا ، فإذا عزم والتزم ثمّ أتى بالتلبية بنيّة الحج يكفي أم يعتبر أن يكون العزم مقارناً.
(١) قد عرفت مما تقدّم أنه لا كلام في جواز إتيان محرمات الإحرام قبل التلبية وأنه ما لم يلب يجوز له ارتكاب المنهيات حتى الجماع ، استناداً إلى جملة من النصوص (١) المعتبرة.
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٣٣٣ / أبواب الإحرام ب ١٤.