.................................................................................................
______________________________________________________
إذا تجاوز المحل وخرج عن الميقات ووصل إلى مكّة وشكّ في حال الطواف مثلاً ، فلا عبرة بشكّه لجريان قاعدة التجاوز ، فإنها تجري في جميع الموارد إلّا في باب الوضوء للنص (١) ، فكل مورد صدق عليه التجاوز عن محله تجري قاعدة التجاوز سواء أكان في العبادات أم في المعاملات ، وقد ذكرنا في محله أن التجاوز إنما هو باعتبار التجاوز عن محله لا التجاوز عن نفس الشيء المشكوك فيه ، لعدم تحقق التجاوز عن الأمر المشكوك فيه وجوداً وعدماً ، كما إذا ركع وشكّ في القراءة وعدمها فإن التجاوز عنها باعتبار تجاوز محلها ، نعم في بعض الموارد لا يتحقّق التجاوز إلّا بالدخول في الغير كباب الصّلاة كالمثال المتقدّم ، فإنه لو شكّ في القراءة قبل الدخول في الركوع لا يتحقق التجاوز عن محل القراءة.
وأمّا الصورة الثالثة : فهي ما إذا أتى بموجب الكفّارة وبالتلبية وشكّ في المتقدِّم منهما والمتأخِّر ، فتارة يجهل تأريخهما ، وأُخرى يعلم تاريخ التلبية ، وثالثة يعلم تأريخ ارتكاب المحرمات.
اختار المصنف عدم وجوب الكفّارة في جميع الصور.
أقول : قد ذكرنا في توارد الحالتين أن جريان الأصلين وتعارضهما يتوقف على ترتب الأثر لكل منهما ، فإن جريانهما معاً غير ممكن وفي أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح ، وأمّا إذا كان الأثر مترتباً على أحدهما دون الآخر فلا مانع من جريان الأصل فيه والرجوع إليه ، سواء كان المورد من موارد مجهولي التاريخ أو كان أحدهما معلوماً والآخر مجهولاً. ومقامنا من هذا القبيل ، لأنّ ارتكاب الأفعال المنهية قبل التلبية لا أثر له وإنما الأثر يترتب بعد التلبية ، فلو شكّ في أنه هل ارتكب محرماً بعد التلبية ليترتّب عليه الكفّارة أو لم يرتكب شيئاً ، لم تجب عليه الكفّارة لأصالة عدم الارتكاب بعد التلبية ، ولا تعارض بأصالة عدم الارتكاب قبل التلبية لعدم ترتّب الأثر على ذلك ، فأحد الأصلين لا أثر له فلا يجري والأصل الآخر الذي يترتّب عليه
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٦٩ / أبواب الوضوء ب ٤٢.