من الأخبار الظاهرة في جواز النيابة أيضاً ، فلا داعي لحملها على خصوص إهداء الثواب.
______________________________________________________
أمّا الأوّل : فلا تصح نيابة شخص واحد عن اثنين في عام واحد ، لأنّ المفروض وجوب الحج على كل واحد من المنوب عنه مستقلا سواء كان وجوبه وجوباً عرضيا كالنذر أو وجوباً أصلياً كحج الإسلام ، فلا بدّ من أن يكون حج النائب مثله على نحو الاستقلال فإن العمل الواحد يقع عن واحد ، ووقوعه عن اثنين يحتاج إلى دليل وهو مفقود ، بل لو وجبت على المنوب عنه حجتان يجب عليه أن يستنيب شخصين وليس له الاكتفاء بإحجاج شخص واحد ، لأنّ الواجب إذا كان متعدداً يجب أن تكون النيابة متعددة.
نعم إذا كان الوجوب عليهما على نحو التشريك لا الاستقلال كما إذا نذر كل منهما أن يشترك مع الآخر في إحجاج شخص واحد فلا مانع.
وأمّا الثاني : فلا مانع من التشريك وإتيان حج واحد عن اثنين أو أكثر للنصوص الكثيرة ، وقد عقد صاحب الوسائل باباً مستقلا لذلك ، منها : صحيح محمّد بن إسماعيل قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) كم أُشرك في حجّتي؟ قال : كم شئت» (١).
ولقائل أن يقول : إن إشراك الغير في الحج إنما يجوز إذا حج عن نفسه ، وأمّا إذا حج عن الغير نيابة فالروايات لا تدلّ على جواز الإشراك حينئذ ، لأنّ الظاهر من قوله : «كم أشرك في حجّتي» أو «يشرك في حجّته» كون الحج عن نفسه ويشرك في حجّه شخصاً آخر من المؤمنين والصلحاء والأقارب.
وهذه الدعوى وإن كانت في نفسها قريبة ولكن التدبّر في النصوص (٢) يقتضي جواز التشريك مطلقاً ولو لم يقصد الحج عن نفسه ، لأنّه بعد البناء على مشروعية النيابة في نفسها وجواز التشريك ورجحانه لا نحتمل اختصاص الجواز بصورة كون الحج عن نفسه. على أن المراد بقوله «بحجتي» أو «حجته» هو الحج الصادر منه
__________________
(١) ٢) الوسائل ١١ : ٢٠٢ / أبواب النيابة في الحج ب ٢٨ ح ١.