فقال عليّ عليهالسلام : ولكنّي والله ما أكره أن أهريق دمك.
فغضب ونزل ، وسلّ سيفه كأنّه شعلة نار ، ثمّ أقبل نحو عليّ عليهالسلام مغضبا ، فاستقبله عليّ بدرقته (١) ، فضربه عمرو بالدرقة فقدّها ، وأثبت فيها السيف ، وأصاب رأسه فشجّه. وضربه عليّ على حبل (٢) العاتق فسقط.
وفي رواية حذيفة : وتسيّف عليّ رجليه بالسيف من أسفل ، فوقع على قفاه ، وثارت بينهما عجاجة. فسمع عليّ عليهالسلام يكبّر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قتله والّذي نفسي بيده. فكان أوّل من ابتدر العجاج عمر بن الخطّاب ، فإذا عليّ عليهالسلام يمسح سيفه بدرع عمرو ، فكبّر عمر بن الخطّاب ، وقال : يا رسول الله قتله. فحزّ عليّ رأسه ، وأقبل نحو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ووجهه يتهلّل. فقال عمر بن الخطّاب : هلّا استلبته درعه ، فإنّه ليس للعرب درع خيرا منها. فقال : ضربته فاتّقاني بسوأته ، فاستحييت ابن عمّي أن استلبه.
قال حذيفة : فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أبشر يا عليّ ، فلو وزن اليوم عملك بعمل أمّة محمّد ، لرجح عملك بعملهم. وذلك أنّه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلّا وقد دخله وهن بقتل عمرو ، ولم يبق بيت من بيوت المسلمين إلّا وقد دخله عزّ بقتل عمرو بن عبدودّ.
فخرج أصحابه منهزمين حتّى طفرت خيولهم الخندق. وتبادر المسلمون ، فوجدوا نوفل بن عبد العزّى جوف الخندق ، فجعلوا يرمونه بالحجارة. وذكر ابن إسحاق : أنّ عليّا عليهالسلام طعنه في ترقوته حتّى أخرجها من مراقّه (٣) ، فمات في الخندق. وبعث المشركون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يشترون جيفته بعشرة آلاف. فقال
__________________
(١) الدرقة : الترس من جلود ليس فيه خشب ولا عقب.
(٢) الحبل : العرق في البدن ، نحو : حبل الوريد. والعاتق : ما بين المنكب والعنق.
(٣) مراقّ البطن : مارقّ منه ولان.