الإرادة الّتي يتبعها التطهير وإذهاب الرجس. ولا يجوز الوجه الأوّل ، لأنّ الله سبحانه قد أراد من كلّ مكلّف هذه الإرادة المطلقة. فلا اختصاص لها بأهل البيت دون سائر الخلق. ولأنّ هذا القول يقتضي المدح والتعظيم لهم بغير شكّ ولا شبهة ، ولا مدح في الإرادة المجرّدة. فثبت الوجه الثاني ، وفي ثبوته ثبوت عصمة المعنيّين بالآية من جميع القبائح. وقد علمنا أنّ من عدا من ذكرناه من أهل البيت غير مقطوع على عصمته ، فثبت أنّ الآية مختصّة بهم ، لبطلان تعلّقها بغيرهم.
إن قلت : إنّ صدر الآية وما بعدها في الأزواج.
قلت : إنّ هذا لا ينكره من عرف عادة الفصحاء في كلامهم ، فإنّهم يذهبون من خطاب إلى غيره ويعودون إليه. والقرآن من ذلك مملوء. وكذلك كلام العرب وأشعارهم. وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما قال البيضاويّ في تفسيره : «وتخصيص الشيعة أهل البيت بفاطمة وعليّ وابنيهما ، لما روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج ذات غدوة ، وعليه مرط (١) مرحّل من شعر أسود ، فجلس فأتت فاطمة فأدخلها فيه ، ثمّ جاء عليّ فأدخله فيه ، ثمّ جاء الحسن والحسين فأدخلهما فيه. ثمّ قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ). والاحتجاج بذلك على عصمتهم ، وكون إجماعهم حجّة ، ضعيف ، لأنّ التخصيص بهم لا يناسب ما قبل الآية وما بعدها. والحديث يقتضي أنّهم أهل البيت ، لا أنّه ليس غيرهم» (٢).
كلام (٣) صادر من غير رويّة وبصيرة ، بل محض مكابرة ، وعين عناد. اللهمّ
__________________
(١) المرط : كساء من صوف ونحوه يؤتزر به. والمرحّل من الثياب : ما أشبهت نقوشه رحال الإبل.
(٢) أنوار التنزيل ٤ : ١٦٣.
(٣) خبر «أنّ» في قوله في بداية الفقرة السابقة : أنّ ما قال البيضاوي.