به لاحتمال الوجوب ، لأنّ الإطاعة في التكاليف المحتملة لا تعقل إلّا بأن يأتي بالفعل بداعي الاحتمال.
واشتراط حصولها بإدراج المكلّف نفسه في الموضوع الذي يقطع بسببه تنجّز الخطاب في حقّه ممّا لا يساعد عليه العقل وبناء العقلاء.
وأمّا ما كان منشؤ التردّد والاشتباه الجهل بالحكم الشرعي ، فربما يظهر من غير واحد وجوب الفحص عن الحكم الشرعي بمراجعة الأدلّة ، أو تقليد المجتهد ، وبطلان العبادة بدونه ، بل ربما يظهر من العبارة المحكية عن السيّد الرضي وتقرير أخيه السيّد المرتضى ـ قدسسرهما ـ كون بطلان العبادة على تقدير الجهل بأحكامها إجماعيّا (١) ، وقد اشتهر بينهم بطلان عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد.
والذي يقتضيه التحقيق صحّة عمل المحتاط التارك للطريقين ، كما لا يبعد شيوع القول بها بين المتأخّرين ، لأنّ العلم بالأحكام ليس شرطا شرعيّا في العبادات ـ كالوضوء للصلاة ـ حتى تبطل بالإخلال به ، وإنّما وجب تحصيله مقدّمة للخروج عن عهدتها ، ولا يتوقّف قصد الإطاعة المعتبر في صحّة العبادات على إحراز التكليف ، بل يكفي فيه احتماله ، فإنّ المراد بقصد الإطاعة ـ الذي نقول باشتراطه ـ إنّما هو الإتيان بالمأمور به بقصد امتثال الأمر والخروج عن عهدة التكليف بأن يكون بعنوان كونه كذلك صادرا عن اختيار المكلّف ، ولا يتوقّف ذلك على إحراز الأمر ، بل يكفي فيه احتماله ، فإنّ الآتي بالفعل احتياطا لا يقصد بفعله إلّا امتثال الأمر
__________________
(١) انظر : الذكرى : ٢٥٩ ، وروض الجنان : ٣٩٨ ، ورسائل الشريف المرتضى ٢ : ٣٨٣.