بقصد الوجوب لا لأجل التوصّل إلى ما وجب لأجله لا يخلو عن إشكال وإن بالغ في تشييده صاحب الحدائق ـ قدسسره ـ حيث قال : لا يخفى أنّ الواجب هو الوضوء والصلاة ، والإتيان بأحد الواجبين وإن لم يأت بالآخر بعده غير مضرّ بصحّته ، فمن أين لا يجوز له الوضوء وهو مخاطب به وواجب عليه؟ غايته أنّه يجب عليه الصلاة معه ، ولكن وجوب الصلاة موسّع عليه ، وحينئذ فلو توضّأ أوّل الوقت لأجل الصلاة في آخره ، فلا مانع من صحّته (١). انتهى.
وأنت خبير بأنّ ما ذكره من المثال لا ربط له بمورد الإشكال ، وإنّما الكلام في أنّ من لم يرد الصلاة إلّا بوضوء آخر بعد نقض هذا الوضوء هل يصحّ وضوؤه المأتي به بعنوان الوجوب أم لا؟
ومنشؤ الإشكال : أنّ الوضوء لم يتعلّق به لذاته أمر وجوبي حتى يتقرّب بفعله ويأتيه لا بعنوان المقدّمية بداعي امتثال أمره ، وأمّا الأمر الإلزامي الغيري المتعلّق بفعله فإنّما يدعو إلى فعله بعنوان المقدّميّة لا مطلقا ، لما عرفت في صدر المبحث من أنّ الأمر لا يدعو إلى الفعل إلّا بعنوانه الذي تعلّق به الأمر ، فلو لم يوجد الفعل بهذا العنوان ، لا يقع امتثالا لهذا الأمر ، فكيف ينوي بفعله القربة بلحاظ هذا الأمر الذي لم يقصد إطاعته!؟
ولا ينافي ذلك ما تقدّم في تقريب الاستدلال : من أنّ كونه مقدّمة للواجب علّة لوجوبه لا قيد في الواجب ، لأنا لا ندّعي التقييد أصلا ، بل
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٢ : ٢١٨.