نقول : إنّ وقوعه امتثالا لهذا الأمر الخاصّ يتوقّف على قصد التوصّل ، وإيجاده بعنوان المقدّميّة ، وإلّا فلا يعقل التقرّب بفعله بلحاظ هذا الأمر ، فيبطل.
نعم ، لو قلنا برجحانه ذاتا ونوى بفعله امتثال أمره الواقعي بزعم كونه إلزاميّا لا على سبيل تقييد الواقع ، لا يخلو القول بصحّته عن قوّة ، كما سيتّضح وجهه في المسألة الآتية ، بل الحكم بالصحّة على هذا التقدير في الفرض الأوّل ـ الذي أفتى العلّامة ببطلانه (١) ، وهو ما لو توضّأ بنيّة الوجوب قبل الوقت إذا أتاه بداعي أمره الواقعي زاعما وجوبه لا على سبيل تقييد الواقع ـ لا يخلو عن وجه ، بل الحكم بالصحّة هو المتّجه في جميع الصور المتصوّرة في مفروض كلام العلّامة حتى فيما لو توضّأ قبل الوقت بعنوان الوجوب للتوصّل به إلى فعل الواجب بعد دخول وقته بناء على عدم وجوب قصد الوجه ، وعدم إخلال قصد الوجوب فيما ليس بواجب إن قلنا بأنّ قصد إيقاع الوضوء مقدّمة لصلاة واجبة ، مرجعه لدى التحليل إلى إرادة التقرّب بالطهارة التي هي شرط في الصلاة ، أو قلنا بأنّه يكفي في صحة العبادة وقوعها بقصد امتثال الأمر مطلقا وإن أخطأ في تشخيص الأمر ، كما تقدّمت الإشارة إلى ذلك في دفع بعض النقوض الواردة على التفصّي عن إشكال الدور بالالتزام بالرجحان الذاتي للطهارات ، وسيأتي مزيد توضيح لذلك إن شاء الله.
كما أنّه بهذه المباني يتّجه صحّة وضوء من توضّأ بعد الوقت
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٩٢.