فلو توضّأ المكلّف بقصد صيرورة الصلاة مباحة له ـ أعني حصول تلك الحالة ـ فينبغي أن تحصل له ، وكونه يأتي بالصلاة أم لا يأتي أمر خارج عن القصد المذكور ، فإنّ حصول تلك الحالة أمر مغاير لفعل الصلاة بغير مرية.
نعم ، لو نوى بالوضوء فعل الصلاة مجرّدا عن استباحتها ، ولم يكن من قصده فعلها ، لكان متناقضا بنيّته ، فلا بعد في القول بفساد طهارته حينئذ (١). انتهى.
أقول : لا يبعد أن يكون غرض الشيخ أيضا ما ذكرناه من أنّ قصد شيء من الغايات المترتّبة على الكون على الطهارة لا ينفكّ عن قصد تحصيل الطهارة المعلوم رجحانها شرعا طاعة لله تعالى ، فمتى وقع الوضوء بقصد الكون على الطهارة ، يصحّ ، سواء تعلّق هذا القصد به أوّلا وبالذات ، أو بواسطة كونها مقدّمة لأمر آخر ، وإلّا فمجرّد قصد حصول تلك الحالة مجرّدا عن قصد إطاعة أمره الذاتي لا ينفع في حصولها ، كما لا يخفى.
ومحصّل الكلام في المقام : أنّه لا شبهة في توقّف صحّة الوضوء على وقوعه طاعة لله تعالى ، ولا تأمّل في أنّه لا يتأتّى قصد التقرّب والإطاعة بالوضوء بلحاظ أمره المقدّمي إذا لم يكن عازما على التوصّل بفعله إلى ذي المقدّمة ، لأنّ قصد امتثال هذا الأمر المتعلّق به بعنوان كونه مقدّمة يناقض عدم قصده التوصّل إليه ، فيستحيل تحقّقهما في الخارج.
وكذا لا ريب في امتناع حصول الإطاعة والتقرّب بلحاظ هذا الأمر
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٢ : ٢١٨.