كلماته ، ولم يقصد بفعله إلّا الاحتياط ، وهو لا ينافي وجهه الواقعي ، وهذا بخلاف بعض الفروع السابقة ، كما لو توضّأ قبل الوقت بداعي أمره الواقعي زاعما وجوبه ، فإنّه أتى بالمأمور به على خلاف وجهه.
ولكنّ الأقوى فيه أيضا الصحّة ، لما عرفت من عدم اعتبار أمر زائد في تحقّق الإطاعة عدا معرفة الأمر وتعيين المأمور به وإيجاده بداعي الأمر ، وهذا المعنى محقّق في الفرض ، فقصده الوجوب لغو صرف لا يضرّ بشيء.
هذا كلّه لو أتى به بداعي أمره الواقعي لا على سبيل التقييد ، وأمّا لو أتى به بداعي أمره المقدّمي من حيث هو ، فإن قلنا بأنّ قصد التوصّل بالوضوء إلى غاية مترتّبة على الطهارة ممّا لا ينفكّ عن قصد امتثال الأمر بالتطهير ، فإطاعته مقصودة ضمنا ، أو قلنا بأنّه يكفي في صحّة ما هو عبادة بالذات وقوعه بقصد التقرّب والإطاعة وإن لم يكن بداعي أمره الواقعي ، بل بداعي أمر تخيّل توجّهه عليه ، كما هو الأظهر ، فالمتّجه أيضا صحّة الوضوء في جميع الصور ، إلّا في الفرض الذي لم يقصد بفعله التوصّل إلى ذي المقدّمة ، كما في مفروض كلام الشهيد والجماعة ، إذ لا يتأتّى منه قصد التقرّب في هذا الفرض ، إذ لا يجتمع إرادة امتثال الأمر المقدّمي مع عدم قصد التوصّل ، كما أشار إليه شيخنا البهائي ـ رحمهالله ـ في ذيل عبارته المتقدّمة (١).
وأمّا إن بنينا على أنّ صحّة الوضوء إنّما هي بلحاظ وقوعه إطاعة
__________________
(١) تقدّمت في ص ١٩٨.