الصلاة ولم يفعلها ، تبيّن بطلانه (١). انتهى.
ولعلّه استند هذا القائل في فتواه إلى ما ذهب إليه بعض من قارب عصرنا (٢) في المسألة الأصوليّة من أنّ المقدّمة إنّما تتّصف بالوجوب إذا تعقّبها ذو المقدّمة ، وتوصّل بها إليه ، فإذا لم يحصل ذو المقدّمة ، لم تكن المقدّمة موجودة على صفة الوجوب ، فعدم تحقّق ذيها كاشف عن عدم اتّصافها بالمطلوبيّة حال وجودها ، وقد تبيّن ضعف هذه المقالة في الأصول بما لا مزيد عليه ، ولنشر في المقام إلى بعض ما فيه.
فنقول : إنّه لو تعلّق الأمر بالصعود على السطح ، ولم يكن الصعود متوقّفا إلّا على نصب السلّم ، المفروض كونه مقدورا بالذات ، فلا شبهة أنّ التكليف في مثل الفرض بناء على القول بوجوب المقدّمة يتعلّق بفعلين : أحدهما : فعل الصعود ، وهو أمر اختياري مقدور بالواسطة ، وهو مطلوب بالطلب النفسي ، والآخر : نصب السلّم الذي هو مقدور بالذات على ما هو المفروض ، فيجب مقدّمة لصيرورة المطلوب النفسي مقدورا.
وحينئذ نقول : فإن كان معروض الوجوب الغيري كالمطلوب النفسي مطلق فعل المقدّمة ، فهو المطلوب ، وإن كان فعلها المقيّد بكونه موصلا إلى الغير ، فلا شبهة أنّ إيجادها بهذه الصفة ليس مقدورا للمكلّف إلّا بلحاظ منشأ انتزاعها ، وهو فعل الغير عقيبه ، إذ ليست هذه الصفة من الأوصاف المتأصّلة التي يتشخّص بها الماهيّة ، وتتعلّق بإيجادها القدرة
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٢ : ٢١٨.
(٢) انظر : كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٩٠ ، وهداية المسترشدين : ٢١٩.