منها من نفسه لا يمكن تكليفه بوجوب إذعانه بخلاف ما ينتج القضية وإن كان منشؤ الاستنتاج الجهل والغرور ، بمعنى أنّ العارف بجلالة الله تعالى ، البصير بمهانة نفسه لا يلتفت إلّا إلى نقائصه وتقصيره في الطاعة.
وحاصله : أنّ الإنسان الكامل ينظر إلى نفسه بعين السخط وإلى إخوانه المؤمنين بعين الرضى ، ولذا يتبرّك بدعائهم ويتشرّف بصحبتهم ، لا أنّه بعد إحراز الكمال من نفسه على سبيل القطع يجب عليه أن لا يعتقد بما ينتجه القضيّة ، لأنّ التكليف بعدم الاعتقاد غير معقول ، فلو تعلّق به خطاب بظاهره يدلّ على ذلك ، لوجب صرفه وإرجاعه إمّا إلى مبادئه ، وهي : إهمال النفس بحيث تتأثّر من هذه النتائج ، ومرجعه إلى وجوب تزكية النفس بحيث لا تغترّ بشيء منها ، أو إلى وجوب إزالته بعد حصوله والتفات النفس إليه بالتفكّر في سوء المنقلب وغيره ممّا يؤثّر في إزالة العجب ، أو غيرهما من المحامل.
أمّا التأويل الأوّل : فممّا لا يمكن الالتزام به ، ضرورة أنّ الله تعالى لم يكلّف عامّة عباده على سبيل الحتم والإلزام بتحصيل هذه المرتبة من الكمال ، بل من رحمته الواسعة أنّه سلّط على من أحبّه النوم ، ومنعه من فعل ما يحبّه من العبادة حفظا له من أن يدخله العجب ، كما في بعض الأخبار (١) ، ولم يكلّفه ابتداء باعتصام نفسه عن ذلك.
وأمّا التوجيه الثاني : فغير بعيد لو لم يكن وجه أقرب منه ، كحمل الخطاب على الإرشاد والمبالغة في المبغوضية ، أو حمل النهي على نفي
__________________
(١) الكافي ٢ : ٦٠ ـ ٤ ، الوسائل ، الباب ٢٣ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ١.