الأسباب العقليّة ، إذ ليس أسباب وجوب القتل إلّا كأسباب نفس القتل ، فما هو التوجيه لأسباب نفس القتل حال اجتماعها ـ كما لو سقط زيد من مكان عال وشقّ بطنه وفري أوداجه ـ هو التوجيه في أسباب وجوبه ، كما لا يخفى.
وثانيا : أنّ هذه الدعوى في المقام غير مجدية ، لأنّ ظاهر القضيّة الشرطيّة كون كلّ سبب معرّفا فعليّا ، ولا ريب أنّ المعرّف الفعلي سبب لحصول التعريف ، ووجود المعرّف في الذهن ، فتعدّده يستلزم تعدّد المعرّف ، فيجب أن يكون السبب المستكشف بالمعرّف الثاني مغايرا لما استكشف بالمعرّف الأوّل ، وإلّا للزم تحصيل الحاصل ، وهو باطل ، فيعود المحذور.
وأمّا إقامة الأدلّة المتعدّدة على مطلوب واحد فلا تدلّ على جواز حصول العلم بكلّ منها ، ضرورة أنّ العلم إمّا يحصل من المجموع أو من بعضها ، وعلى الثاني فما يذكر بعده من الأدلّة لا يعقل أن يكون مؤثّرا في حصول هذه المرتبة من العلم ، بل إمّا يحصل بها مرتبة اخرى من الانكشاف ، أو أنّها أدلّة شأنيّة تذكر في طيّ الاستدلال لما يترتّب عليها من الفوائد ، وكيف لا!؟ مع أنّ المسألة عقليّة لا تتخصّص ، فلا فرق في استحالة توارد علّتين مستقلّتين على معلول واحد بين الموجود الذهني والخارجي ، وتقييد معرفيّة السبب فعلا بعدم كونه مسبوقا بمعرّف آخر ليس بأهون من تقييد سببيّته بذلك حتى نتفصّى عنه بهذا التكليف ، كما هو ظاهر.