الطبائع وتعدّدها ، فكلّ سبب لا يوجب إلّا إيجاد عنوان الجزاء المترتّب عليه ، والعنوانان متغايران ذاتا وإن اتّحدا وجودا في بعض المصاديق ، فكما أنّ للمكلّف إيجاد كلّ من العنوانين في ضمن كلّ فرد يختاره كذا له إيجادهما معا في ضمن فرد واحد.
ودعوى : أنّ المتبادر عرفا من الأوامر المتعدّدة استقلال كلّ منهما بالإطاعة ، وعدم كفاية فرد واحد امتثالا للكلّ ، سواء كانت الأوامر ابتدائية أو من ذوات الأسباب ، فهي مصادمة للضرورة في الواجبات التوصّليّة ، وكذا في الأوامر المستحبّة ، كما عرفت في الضميمة الراجحة من شهادة البداهة على أرجحيّة التصدّق على الفقير المؤمن العالم ذي الرحم من التصدّق على فاقد بعض هذه الأوصاف ، فلو لم تتحقّق إطاعة الأوامر المتعدّدة باختيار هذا الفرد ، لما رجّح على غيره ، كما لا يخفى.
نعم ، قد يتوهّم صدق هذه الدعوى في الواجبات التعبّديّة ، إلّا أنّه لا شاهد لها ، بل يكذّبها عدم الفرق بين الواجبات التوصّليّة والتعبّديّة في كيفيّة الإطاعة ، إلّا أنّها اعتبرت قيدا في القسم الثاني ، فلا يسقط أمره إلّا بها دون الأوّل ، كما أنّه لا فرق في كيفيّة الإطاعة بين المستحبّات والواجبات ، وقد عرفت تحقّقها في المستحبّات عرفا وعقلا بإيجاد الفرد المجتمع فيه العناوين المتعدّدة ، فكذا في الواجبات.
وإن أبيت إلّا عن توقّف صدق الإطاعة بالنسبة إلى كلّ أمر على أن يكون الأمر بنفسه باعثا مستقلّا على الفعل ، فنقول بعد الإغماض عن بطلان هذه الدعوى في حدّ ذاتها : إنّ العبادات لا تتوقّف صحّتها إلّا على