العقل إلى دعوى وجوب إزالة أثر كلّ من السببين إمّا بالغسل أو ببدله ، فيكون عنوان الواجب بالنسبة إلى كلّ من السببين أعمّ من خصوص الغسل ، فالغسلان وإن تباينا ـ كما هو المفروض ـ إلّا أنّ بدليهما يتصادقان على الطبيعة الثالثة ، إذ بها تتحقّق إزالة أثري الجنابة والحيض ، وقد عرفت أنّ مرجع هذه الدعوى إلى جعل إزالة الأثرين موضوعا للوجوبين أعمّ من أن يكون حصولها بالغسل أو بغيره ، فيتحقّق امتثال كلا الأمرين بإيجاد أمر واحد ، ومن المعلوم عدم الفرق من حيث الإشكال بين الالتزام بأنّ عنوان الواجب هو غسل الجنابة والحيض وتصادقا في هذا الفرد ، وبين الالتزام بأنّ عنوان الواجب هو إزالة أثر الجنابة والحيض ، وتصادقت الإزالتان في الطبيعة الثالثة.
نعم ، بين الالتزامين فرق من حيث كون التخيير بين الغسلين المنفردين وهذا الفرد المجزئ عقليّا على الأوّل وشرعيّا على الثاني.
وبما ذكرنا ـ من استلزام الالتزام المذكور تعميم موضوع الأوامر المتعلّقة بالأغسال بما يعمّ الغسل وبدله ـ ظهر لك أنّه لا جدوى له في التفصّي عن إشكال اجتماع الوجوب والاستحباب في الواحد الشخصي ، ضرورة أنّ هذا الواحد الشخصي من حيث قيامه مقام الغسل المستحبّي أحد فردي المستحبّ ، ومن حيث كفايته عن الغسل الواجب أحد فردي الواجب التخييري ، فعاد المحذور.
فقد تقرّر لك ممّا حرّرناه أنّ الاحتمالات التي يمكن الالتزام بها في توجيه الكفاية منحصرة في الثلاثة المتقدّمة ، إلّا أنّ الاحتمالين الأوّلين منها