وهذا ممّا يقرّب إرادة هذا المعنى من الرواية ، مضافا إلى كونه أنسب بالنظر إلى ظاهر ألفاظها وإن كان المعنى الأوّل آنس بالذهن.
وكيف كان ، فالمراد بالاستدارة في الرواية ـ بحسب الظاهر ، ـ ليس إلّا ذلك ، لا الاستدارة الحقيقيّة ، ضرورة أنّ الوجه ليس مستديرا حقيقيّا بحيث تكون نسبة محيطة من كلّ نقطة تفرض فيه إلى قطبه متساوية.
ودعوى : أنّ الوجه له معنى شرعي فاسدة جدّا.
ويدلّ على فسادها ـ مضافا إلى وضوحه ـ : موثّقة سماعة ، قال :كتبت إلى الرضا عليهالسلام : أسأله عن حدّ الوجه ، فكتب «من أوّل الشعر إلى آخر الوجه ، وكذلك الجبينين» (١).
وظاهر قوله عليهالسلام : «وكذلك الجبينين» أي كذلك من أوّل الجبينين إلى آخر الوجه ، ومن المعلوم أنّ ما في هذه الرواية مطابق للوجه المعروف عند العرف ، إذ ليس الخطّ المحيط على الجبهة والجبينين قوسا من الدائرة المنطبقة على الوجه ، لأنّ الخطّ الواقع طرف الجبهة والجبينين إمّا مستو أو قريب من الاستواء ، فلا يكون قوسا من الدائرة المارّة على الذقن ، كما لا يخفى.
فيظهر من ذلك أنّ التحديد الوارد في غيرها من الأخبار أيضا إنّما أريد به بيان حدود الوجه المستعمل في معناه العرفي ، لا أنّه لبيان اصطلاح جديد من الشارع في معنى الوجه.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٨ ـ ٤ ، الوسائل ، الباب ١٧ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢.