وفي رواية الكليني : «وما دارت عليه السبّابة والوسطى والإبهام» (١).
والروايتان متّحدتان بحسب المفاد ، إذ لا أثر للسبّابة بعد اعتبار الوسطى التي هي أطول منها عادة ، فلا يورث اعتبارها في الحدّ اختلافا في المحدود ، فذكرها إنّما هو لورود الرواية مورد الغالب ، نظير قوله تعالى (وَرَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) (٢).
وحاصل ما يظهر من الرواية مؤيّدا بفهم الأصحاب : أنّ الوجه الذي أمر الله تعالى بغسله ما يحيط به الأصابع حال الغسل من دون أن يقلب الكفّ إلى إحدى الصفحتين من قصاص شعر الناصية إلى الذقن.
والتعبير عن هذا المعنى بدوران الأصابع إمّا بلحاظ أنّ غسل الوجه ، أي إيصال الماء إلى جميع أجزائه بعد صبّ الماء عليه لا يكون غالبا إلّا بدوران الأصابع وجريها على حدود الوجه : الإبهام من طرف ، والسبّابة والوسطى من طرف آخر من قصاص الشعر إلى آخر الوجه ، أو بلحاظ أنّ إدارة الإصبعين من القصاص بحيث تنتهي الدورة إلى الذقن ـ كما هو ظاهر كلمة «من» و «إلى» ـ معرّف للوجه ، فعلى هذا التفسير لا تكون الرواية ناظرة إلى الكيفيّة الحاصلة في الغسل المتعارف ، فيكون المقصود من دوران الإصبعين من قصاص الشعر إلى الذقن وضعهما على القصاص وفتحهما بحيث تمتلئ الفرجة بينهما ثم إدارتهما بحيث تنتهي الدورة إلى الذقن ، فيحدث من ذلك شكل يشبه الوجه حقيقة والدائرة عرفا.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٧ ـ ١ ، الوسائل ، الباب ١٧ من أبواب الوضوء ذيل الحديث ١.
(٢) سورة النساء ٤ : ٢٣.