كما ليس بالبعيد ، لغلبة التعبير عن المقدّرات بالإصبع واليد والذراع ونحوها ، فإن أراد من عبّر بمثل الفقيه اعتبار وقوع المسح على هذا المقدار من مقدّم الرأس دون غيره ، بأن تكون كلمة «من» في كلامه بيانيّة ، ففيه : ما سيجيء في تحديد مقدّم الرأس إن شاء الله.
وإن أراد وجوب كون المسح بهذا المقدار من مقدّم الرأس لا أقلّ منه ، فيمكن الاستشهاد له : برواية معمّر بن عمر (١) عن أبي جعفر عليهالسلام «يجزئ من المسح على الرأس موضع ثلاث أصابع وكذلك الرّجل» (٢).
وكذا صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام «المرأة يجزئها من مسح الرأس أن تمسح مقدّمة قدر ثلاث أصابع ، ولا تلقي عنها خمارها» (٣) بناء على الإجماع على عدم الفرق بين الرجل والمرأة ، وعدم الاعتناء بما حكي (٤) عن الإسكافي من الفرق بينهما وكفاية الإصبع للرجل.
ويؤيّده : ما عن محمّد بن عيسى ، قال : قلت لحريز يوما : يا عبد الله كم يجزئك أن تمسح من شعر رأسك في وضوئك؟ قال : مقدار ثلاث أصابع. وأشار إلى السبّابة والوسطى والثالثة (٥) ، إذ الظاهر أنّ مثل
__________________
(١) في «ض ١ ، ٩» والطبعة الحجرية وكذا في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ١١٦ : معمر بن خلّاد. وما أثبتناه من المصادر.
(٢) الكافي ٣ : ٢٩ ـ ١ ، التهذيب ١ : ٦٠ ـ ١٦٧ ، الوسائل ، الباب ٢٤ من أبواب الوضوء ، الحديث ٥.
(٣) الكافي ٣ : ٣٠ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٧٧ ـ ١٩٥ ، الوسائل ، الباب ٢٤ من أبواب الوضوء ، الحديث ٣.
(٤) حكاه عنه الشهيد في الذكرى : ٨٦ ، كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ١١٦.
(٥) اختيار معرفة الرجال : ٣٣٦ ـ ٦١٦ ، مستدرك الوسائل ، الباب ٢٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.