وموضع ثلاث أصابع بالنسبة إلى القدمين لا يعدّ يسيرا ، فلا يصحّ حمل الرواية عليه ، فالروايتان بمنزلة المتباينين ، لا العامّ والخاصّ ، فيجب تنزيل رواية الثلاث على كونها بيانا لما يجزئ على الوجه الأتمّ ، فيكون المسح بمقدار الثلاث أفضل أفراد الواجب.
وأمّا صحيحة زرارة : فهي ـ مضافا إلى منع ظهورها في عدم كفاية ما دون الثلاث ، كما عرفت ، ومعارضتها بما دلّ على كفاية الإصبع إلّا أن يراد منها اعتبار مقدار الثلاث في طول الرأس ، أو يلتزم باختصاصها بالمرأة ، وتخصيص ما عداها بالرجل ، كما عن الإسكافي (١) ـ يرد عليها عدم تعيّن كون إطلاق الإجزاء بلحاظ مقدار الممسوح ، بل يحتمل إرادة بيان أنّ المسح من تحت القناع يجزئها ، ولا يجب عليها إلقاء خمارها ، فيكون الإجزاء راجعا إلى القيد الأخير.
وقد يستدلّ لوجوب المسح بالثلاث : بصحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، قال : سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفّه على الأصابع ، فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم ، فقلت له : جعلت فداك لو أنّ رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا ، فقال : «لا إلّا بكفّه» (٢) بدعوى : عدم القول بالفصل بين القدمين والرأس ، فإذا وجب الثلاث في القدمين بمقتضى هذه الصحيحة وجب في الرأس أيضا ، لعدم القول بوجوب الثلاث فيهما دون الرأس.
__________________
(١) حكاه عنه الشهيد في الذكرى : ٨٦.
(٢) الكافي ٣ : ٣٠ ـ ٦ ، التهذيب ١ : ٩١ ـ ٢٤٣ ، الوسائل ، الباب ٢٤ من أبواب الوضوء ، الحديث ٤.