وما ورد من جواز مسح المؤخّر مأوّل أو محمول على التقيّة.
ولقد أطنب صاحب الحدائق ـ قدسسره ـ في إثبات أنّ المراد من مقدّم الرأس في النصوص وفتاوي العلماء هو ما ذكرناه موردا فيها كلمات غير واحد من العلماء واللغويّين مستشهدا بتصريحات بعضهم ، ومستظهرا من تلويحات آخرين ، دفعا لما توهّمه بعض الفضلاء من حمله على خصوص الناصية ، أي الموضع المحدود من طرفيه بالنزعتين ومن طرفه الأعلى بالخط المحاذي لآخرهما (١).
ولكنّك خبير بأنّه لا حاجة في ردّه إلى التطويل بعد كون مقدّم الرأس أعمّ من الناصية عرفا على تقدير كون الناصية قصاص الشعر أو خصوص الشعر الواقع بين النزعتين ، المنتهى بانتهائهما ، إذ لا إجمال في مفهومه العرفي حتى يحتاج إلى الاستشهاد بكلام أهل اللغة ، ضرورة أنّه لم يرد منه غير ما يتفاهم منه عرفا.
ومنشؤ توهّم المتوهّم : عدّ صاحب القاموس من معاني المقدّمة :الجبهة والناصية (٢) ، ووقوع التعبير عن مقدّم الرأس بالناصية في كلمات بعض علمائنا المتقدّمين ، والتصريح بها في رواية زرارة ، قال عليهالسلام : «إنّ الله وتر ويحبّ الوتر ، فقد يجزئك من الوضوء ثلاث غرفات : واحدة للوجه ، واثنتان للذراعين ، وتمسح ببلّة يمناك ناصيتك» (٣).
__________________
(١) انظر : الحدائق الناضرة ٢ : ٢٥٤ ـ ٢٦٢.
(٢) القاموس المحيط ٤ : ١٦٢ «قدم».
(٣) الكافي ٣ : ٢٥ ـ ٤ ، التهذيب ١ : ٣٦٠ ـ ١٠٨٣ ، الوسائل ، الباب ١٥ و ٣١ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢ و ٢.