الانصرافين ، ألا ترى أنّه لا يتبادر من الأمر بغسل رأس اليتيم مباشرته ، بخلاف الأمر بمسحه ، وسرّه : أنّ استعمال الآلة في الغسل من العوارض الغريبة التي لا يتوقّف تصوّر مفهوم الغسل على تصورها لا إجمالا ولا تفصيلا ، فربّما لا يلتفت إليها الذهن عند الأمر به ، وهذا بخلاف المسح ، فإنّه من مقوّمات مفهومه ، كالماء ونحوه في الغسل ، فلا بدّ عند تصوّر مفهوم المسح من تصوّره إجمالا أو تفصيلا ، فمعهوديّة هذا النحو من الخصوصيات التي هي بمنزلة الفصول المنوّعة للطبيعة هي التي توجب انصراف إطلاق الطبيعة إليها دون القسم الأوّل.
والحاصل : أنّ استعمال اليد في الغسل من المقدّمات ، وفي المسح من قيوده المقسّمة ، فلا يقاس أحدهما بالآخر من حيث السببيّة للانصراف.
هذا ، مع أنّ العلم الحاصل من الإجماع بعدم مدخليّة الخصوصيّة في الغسل دون المسح يكفي فارقا بين المقامين.
وأمّا نقضه بباطن الكفّ : ففيه : أنّه أوّل الكلام.
ولو أراد من باطن الكفّ بعضه كرؤوس الأصابع ، ففيه ـ بعد تسليم غلبة وقوع المسح بخصوص رؤوس الأصابع ـ عدم كونها موجبة لصيرورة المسح بما فوقها خلاف المتعارف.
مضافا إلى إمكان استفادة جواز المسح بالكفّ من صحيحة البزنطي (١) ، الواردة في كيفيّة مسح القدمين ، وغيرها من الأخبار البيانيّة ،
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٠ ـ ٦ ، التهذيب ١ : ٦٤ ـ ١٧٩ ، الوسائل ، الباب ٢٤ من أبواب الوضوء ، الحديث ٤.