وجود الطبيعة في الخارج فيوجبها ، والمأمور يتصوّر وجودها فيوجدها ، فما ينسبق إلى ذهن المأمور من تصوّر مفهوم اللفظ بعينه هو الذي ينسبق إلى ذهن الآمر ويجعله في حيّز الطلب ، وهذا هو السرّ في انصراف المطلقات إلى الأفراد الشائعة.
وأمّا عدم صيرورة غلبة الوجود منشأ للانصراف فليس لأجل أنّ ما تصوّره الآمر حال الطلب أعمّ من الفرد النادر ، كما قد يتوهّم ، ضرورة أنّ الآمر بغسل الثوب لا يخطر بباله ماء النفط والكبريت أصلا ، بل لا يقصد إلّا الأمر بغسله بالمياه الموجودة عندهم ، إلّا أنّ العقل بعد التأمّل وفرض الموجود معدوما والمعدوم موجودا يحكم بأنّ غرض الآمر أعمّ ممّا تصوّره فعلا في مقام الطلب ، ولذا لو صرّح بغسله بالماء الموجود لا يفهم من كلامه التقييد ، ومن المعلوم أنّ العقل لا يحكم بذلك إلّا بعد علمه بكون الفرد النادر بحيث لو كان الآمر ملتفتا إليه لقصده ، كماء النفط مثلا ، لا المائعات المضافة ، وكذا الذراعان فيما نحن فيه.
وملخّص الكلام : أنّ الانصرافات البدويّة ما لم يكن في العقل ما يصرفها تستقرّ ، وما نحن فيه منها ، كما لا يخفى.
وأمّا نقضه بغسل الوجه واليدين ففيه أوّلا : إنّا ادّعينا الانصراف في الأوامر المطلقة بعد العلم بعدم إرادة إطلاقها ، ودوران الأمر بين حملها على المتعارف أو الالتزام بإهمالها ، ووضح فساد الثاني دليل على إرادة الأوّل ، فلا يتوجّه النقض بالغسل.
وثانيا : منع الانصراف بالنسبة إلى الغسل ، إذ لا ملازمة بين