«لا صلاة إلّا بطهور» (١) (٢). انتهى.
وفيه : أنّ غلبة وجوده بهذه الكيفيّة مسبّبة عن تعارفه ، لا عن تعذّر حصوله بغير اليد ، أو تعسّره ، ومثلها يوجب الانصراف جزما ، كما لو أمر المولى عبده بغسل ثوبه أو بدنه يحمل على إرادة غسله بالماء المطلق دون المضاف ، لكونه هو الفرد الذي توجد طبيعة الغسل في ضمنه غالبا.
نعم لا يختصّ ذلك بماء بلده أو بغير ماء النفط والكبريت ممّا يعزّ وجوده ، لأنّ منشأ انسبقا الذهب إلى ما عداه عدم حضوره عند المكلّف أو ندرة وجوده ، لا عدم تعارف الغسل به ، فكيف يقاس عليه انصراف الذهن عن الذراعين فيما نحن فيه مع كونهما نصب عيني الآمر والمكلّف ، ولا يلتفتان إلى المسح بهما!؟ بل لو فرض حصول المانع للمكلّف من المسح بكفّه كما لو التفّت كفّه بخرقة ، بادر إلى إزالة المانع عنها للمسح ، ولا ينسبق إلى ذهنه جوازه بذراعيه.
ولو قيل : إنّ المراد من المسح ـ على ما يتفاهم منه عرفا ـ إنّما هو إيجاد الطبيعة المطلقة ، وتشخّصها في الخارج غالبا بكيفيّة لا يوجب تقييدها في مقام التصوّر والطلب ، فالمطلوب مطلق ، وامتثاله غالبا لا يتحقّق في الخارج إلّا بالكيفيّة الخاصّة.
قلت : هذه الدعوى ممّا يكذّبها الانصراف البدوي المسلّم بيننا وبين المدّعي ، إذ لا فرق بين الآمر والمأمور من هذه الجهة ، فإنّ الآمر يتصوّر
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٩ ـ ١٤٤ ، الإستبصار ، ١ : ٥٥ ـ ١٦٠ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.
(٢) كتاب الطهارة : ١١٩.