وبهذه الدعوى يرتفع تعجّب صاحب الحدائق وغيره من السيّد في تجويزه النكس في الوجه واليدين ، لإطلاق الآية ، ومنعه هنا مع جريان دليله في واعتضاده بالرواية ، إذ بعد البناء على عدم اعتبار أخبار الآحاد ـ كما هو المعروف عن السيّد ـ لا بدّ من الالتزام بهذا القول بعد تسليم الغلبة المانعة عن الظهور ، كما ليس بالبعيد.
وأمّا الصحيحة : فالإنصاف أنّها ظاهرة في المدّعى ، إلّا أنّه يوهنها أنّه أسندها في الوسائل إلى حماد بن عيسى ، ثم قال : وبهذا الإسناد عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «لا بأس بمسح القدمين مقبلا ومدبرا» (١).
فيحتمل قويّا اتّحاد الروايتين والراويين ووقوع الاشتباه من النسّاخ.
مضافا إلى مؤيّدات أخر ربما تورث الظنّ بالاتّحاد قد تعرّض لذكرها في الجواهر (٢) وغيره.
هذا ، مع أنّ في تخصيص القدمين بالذكر في الصحيحة الثانية إشعارا باختصاص الحكم بها ، فيشكل الاتّكال على هذا الظاهر ، إلّا أنّ رفع اليد عن ظاهر مثل هذه الصحيحة المشهورة المعمول بها عند الأصحاب مع عدم المعارض له بمثل هذه الموهنات المخالفة للأصول والقواعد أشكل ، خصوصا مع اعتضاده بإطلاق الآية.
وما ادّعيناه من الانصراف قابل للمنع ، فالقول بالجواز لا يخلو عن
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٢٠ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢ ، وانظر : التهذيب ١ : ٨٣ ـ ٢١٧.
(٢) انظر : جواهر الكلام ٢ : ١٩٧.