المطلقات الكثيرة الواردة في محلّ الحاجة في مثل هذا الحكم العامّ البلوى في غاية الإشكال ، فلا يمكن الالتزام به بمجرّد ظهور لفظ الأمر في إرادة الوجوب ، فالتصرّف في ظاهر الأمر بحمله على الاستحباب أهون من تقييد مثل هذه المطلقات على ما يشهد به فهم العرف ، لأنّ الالتزام بإهمال هذه المطلقات الكثيرة أو احتفافها بقرائن حاليّة أو مقاليّة ، أو الالتزام بكونها مسوقة لبيان الحكم الظاهري للمخاطبين دون التكليف الواقعي أو غير ذلك ممّا يصحّح تأخير ذكر القيد ليس بأهون من حمل الأمر على الاستحباب.
هذا ، مع أنّ حمل هذه الروايات على الوجوب يستلزم ارتكاب التقييد في نفسها أيضا ، لمعارضتها ـ ظاهرا ـ بظاهر التوقيع المرويّ عن الطبرسي في الاحتجاج ، الخارج من الناحية المقدّسة في جملة أجوبة مسائل الحميري حيث سأل عن المسح على الرّجلين يبدأ باليمين أو يمسح عليهما جميعا؟ فخرج التوقيع «يمسح عليهما جميعا ، فإن بدأ بإحداهما قبل الأخرى فلا يبدأ إلّا باليمنى» (١).
ومقتضى الجمع بين التوقيع والأخبار السابقة : تقييدها به ، والالتزام بالتخيير بين المقارنة وتقديم اليمنى ، كما نسب (٢) اختياره إلى بعض فضلاء متأخّري المتأخّرين.
ولكنّك عرفت أنّ حمل الأخبار المقيّدة على الاستحباب أهون في
__________________
(١) الاحتجاج : ٤٩٢ ، الوسائل ، الباب ٣٤ من أبواب الوضوء ، الحديث ٥.
(٢) الناسب هو البحراني في الحدائق الناضرة ٢ : ٣٥٩.