رواية أبي الورد (١) نصّ في جوازه في الجملة ، وهذه الأخبار لا تنافيها إلّا من حيث الإطلاق بعد حمل النهي فيها على حقيقته ، ومن المعلوم أنّ أصالة الحقيقة لا تزاحم الدليل ، فضلا عن أصالة الإطلاق المتفرّعة عليها ، فيجب الجمع بينهما بارتكاب التأويل في الظاهر بالنصّ ، وحيث لا تدلّ رواية أبي الورد إلّا على الإيجاب الجزئي يجب الاقتصار في رفع اليد عن الإطلاقات على القدر المتيقّن الذي انعقد الإجماع عليه ، وهو ما إذا لم تتأدّ التقيّة إلّا بالمسح.
ولعلّ هذا هو الوجه لما ذهب إليه المشهور ـ على ما نسب (٢) إليهم ـ من تقديم غسل الرّجلين على مسح الخفين عند الدوران في مقام التقيّة ، لا ما ذكره بعضهم من أنّ الغسل أقرب إلى مطلوب الشارع ، لإمكان الخدشة فيه : بعدم التسليم.
نعم ، يمكن الاستدلال له : بإطلاق أمر الإمام عليهالسلام في خبر علي بن يقطين بغسل رجليه تقيّة (٣).
بل وكذا يمكن الاستدلال له : بإطلاق الأمر بغسل الرّجلين في رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (٤) عليهالسلام ، المحمولة على التقيّة ، إذ الظاهر أنّه عليهالسلام أوجب عليهم غسل الرّجلين لأجل التقيّة ، لا أنّ الأمر صدر منه تقيّة من
__________________
(١) المتقدّمة في ص ٤٣٥.
(٢) الناسب هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ١٣٠.
(٣) الإرشاد ـ للمفيد ـ ٢ : ٢٢٧ ، الوسائل ، الباب ٣٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٣.
(٤) الكافي ٣ : ٣٥ ـ ٦ ، التهذيب ١ : ٩٩ ـ ٢٥٨ ، الإستبصار ١ : ٧٤ ـ ٢٢٧ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب الوضوء ، الحديث ٨.