المخالفين ، لا لمجرّد مخالفته للأصل المعتمد عليه عند العقلاء من حمل اللفظ على إرادة معناه الحقيقي واقعا ما لم ينكشف خلافه ، بل له ولما أشرنا إليه فيما تقدّم من معروفيّة مذهب الإمام عليهالسلام عند أولي الشوكة الذين كانوا على الإمام عليهالسلام التقيّة منهم ، كما يظهر ذلك بالتتبّع في أحوالهم حيث إنّهم كانوا يختبرون من يتّهم بالتشيّع بوضوئه ، فالقول بتقديم الغسل على المسح عند الدوران أقوى.
هذا ، مع أنّ الاحتياط في مثل المقام ممّا لا ينبغي تركه ، بل لا يبعد القول بوجوبه إمّا للقول بكونه هو المرجع عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، أو للالتزام بكون الشكّ فيه في المكلّف به ، أعني مصداق الطهور الذي هو شرط للصلاة لا في التكليف وإن كان في كليهما تأمّل.
وبما ذكرنا ظهر لك أنّه لو ترك غسل الرّجلين حال التقيّة مع الإمكان وكذا مسح الخفّين لو لم تتأدّ التقيّة إلّا به ، لم يصح وضوؤه ، لأنّ ظاهر الأوامر بدليّة الفعل المأتيّ به تقيّة عن المسح الواقعي ، فيفسد الوضوء بتركه ، سواء مسح بشرة القدم حينئذ أم لا ، لأنّ مسح البشرة لأجل تعلّق النهي الفعلي بفعله لا يكون جزءا من العبادة ، فيكون كتارك الجزء الذاتي ، كما هو ظاهر.
ويظهر من عبارة المصنّف رحمهالله ـ حيث جعل التّقيّة قسيما للضرورة ـ أنّه لا يعتبر في جواز التقيّة عدم المندوحة ، فيجوز الوضوء تقيّة في محضر المخالفين مع التمكّن من إيجاده تامّ الأجزاء والشرائط بالتأخير أو التستّر عنهم ، فلا تكون التقيّة عن المخالف على حدّ سائر الضرورات