بالضرورة حال الفعل بأن يكون إيقاعه موافقا لمذهب المخالف لأجل خوف الضرر لا الضرورة المطلقة.
نعم ، لا يعتبر في مشروعيّتها خوفه من خصوص من يتّقي منه ، أو في خصوص الواقعة الشخصية ، بل يكفي فيها احتمال كون ترك التقيّة في خصوص المورد مؤدّيا إلى التضرّر في سائر الموارد ، كما إذا صار ترك التقيّة في هذا المورد موجبا لعدم تمكّنه من التقيّة في موارد الحاجة.
ويدلّ على ذلك ـ مضافا إلى عمومات الأدلّة الشاملة للفروض ـ قوله عليهالسلام : «ليس منّا من لم يجعل التقيّة شعاره ودثاره مع من يأمنه لتكون سجيّة له مع من يجذره» (١).
ولا ينافيها ظهور بعض الأخبار المتقدّمة في خلافها ، لأنّ ظهوره في الخلاف بدويّ يرتفع بالتأمّل في نفسه فضلا عمّا يقتضيه الجمع بينه وبين معارضاته ، والله العالم.
وهل التقيّة من غير المخالفين بحكم التقيّة من المخالفين في كون أمرها أوسع من سائر الضرورات ، أم هي على حدّ غيرها من الضرورات المبيحة للمحظورات ، فيشترط جوازها بعدم المندوحة في مجموع الوقت ، أو في الجزء الذي يوقعه فيه مع اليأس من التمكّن منه فيما بعده ، أو مطلقا على التفصيل والخلاف في أولي الأعذار؟ وجهان ، أحوطهما : الثاني ، بل لا يخلو القول به عن قوّة ، لأنّ شيوع التقيّة من المخالفين ومعهوديّتها في زمان الأئمّة عليهالسلام يمنع من استفادة إرادة العموم من أخبار الباب ، والله العالم.
__________________
(١) أمالي الطوسي ١ : ٢٩٩ ، الوسائل ، الباب ٢٤ من أبواب الأمر والنهي ، الحديث ٢٩.