وأمّا لو لم يكن مفاد الأدلّة ذلك ، كما لو توضّأ بالخمر تقيّة ، فلا ، فإنّ شيئا من الأدلّة لا يساعد على صحّته ورافعيّته للحدث.
وأمّا عمومات أخبار التقيّة فليس مفادها جواز إيقاعه بهذا العنوان ، ولا ينافي ذلك ما تقدّم في ردّ المحقّق الثاني.
بيان ذلك : أنّ مفاد عمومات أخبار التقيّة ـ كقوله عليهالسلام : «التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه الله» (١) كما عرفت فيما سبق ـ أنّ التقيّة سبب لإباحة المحرّمات ، ورفع المنع الثابت في الشرعية عنها ، سواء كان متعلّق التقيّة بنفسه من المحرّمات ، كشرب المسكر وترك الصلاة والصوم ، أو لأجل إفضائه إلى الإخلال بشرط واجب ، كالتكتّف في الصلاة ، أو ترك مسح الرّجلين في الوضوء ، فإنّه حرام لا لذاته ولا لأجل كونه إخلالا بالوضوء من حيث هو ، إذ لا محذور في شيء منهما ، بل لأجل إخلاله بالطهارة من حيث كونها شرطا للصلاة الواجبة.
وأمّا حرمته من حيث التشريع فليست ممّا تبيحه التقيّة ، إذ لا ضرورة في القصد ، وإيجاد صورة الوضوء لغرض عقلائيّ ـ كما في الفرض ـ غير محرّم ، فالمحرّم الذي تبيحه التقيّة إنّما هو الاقتصار في امتثال الأمر بالصلاة بفعلها فاقدة للشرط ، لأنّ فعلها بلا شرط ـ كتركها رأسا ـ محرّم ، فالتقيّة تبيح فعلها بلا شرط إذا كان متعلّقها ترك الشرط ، ولازمه انتفاء الشرطيّة حينئذ كما عرفت فيما سبق ، فعلى هذا يكون الفرد المأتيّ به تقيّة من المصاديق الحقيقيّة لماهيّة الصلاة التي تعلّق بها أمر
__________________
(١) الكافي ٢ : ٢٢٠ ـ ١٨ ، الوسائل ، الباب ٢٥ من أبواب الأمر والنهي ، الحديث ٢.